للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا.

أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضِيًا لَهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فَوْرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ جَمْعٍ وُجُوبًا، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ نَدْبًا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ مَعَ دُخُولِهِ فِي التَّوْبَةِ لِمَا مَرَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ، وَيُسَنُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ: أَيْ تَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنْهُ، وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى، نَعَمْ إنْ سَأَلَهُ نَحْوُ طَبِيبٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ صِدِّيقٍ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ، وَلَا يُكْرَهُ الْأَنِينُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ التَّسْبِيحِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُسَنُّ أَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ النَّوْحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا اُعْتِيدَ فِي الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْ يُحَسِّنَ خُلُقَهُ وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عُلْقَةٌ كَخَدَمٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ وَجَارٍ وَمُعَامِلٍ وَصَدِيقٍ، وَأَنْ يُعَادَ مَرِيضٌ وَلَوْ بِنَحْوِ رَمَدٍ وَفِي أَوَّلِ يَوْمِ مَرَضِهِ، وَخَبَرُ: «إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ» مَوْضُوعٌ، وَإِنْ أَخَذَ بِهِ الْغَزَالِيُّ مُسَلَّمٌ وَلَوْ عَدُوًّا وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ.

وَكَذَا ذِمِّيٌّ قَرِيبٌ، أَوْ جَارٌ وَنَحْوُهُمَا وَمَنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ جَازَتْ عِيَادَتُهُ، وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِالذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا كَانَ بِدَارِنَا وَنُظِرَ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَأَهْلِ الْفُجُورِ وَالْمَكْسِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَلَا جِوَارٌ وَلَا رَجَاءُ تَوْبَةٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ الْعِيَادَةُ غِبًّا فَلَا يُوَاصِلُهَا كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ، نَعَمْ نَحْوُ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِمَّنْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يَتَبَرَّكُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ تُسَنُّ لَهُمْ الْمُوَاصَلَةُ مَا لَمْ يَفْهَمُوا، أَوْ يَعْلَمُوا كَرَاهَةَ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْمُكْثَ عِنْدَهُ بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ مَا لَمْ يُفْهَمْ عَنْهُ الرَّغْبَةُ فِيهَا، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ إنْ طَمِعَ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ: «أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك بِشِفَائِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ» ، وَأَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ بِمَرَضِهِ، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ رَغَّبَهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعِينَ مَرَّةً» اهـ. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَدْبِ رَدِّ الْمَظَالِمِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ أَوَّلًا أَنْ يَرُدَّهُ احْتِيَاطًا.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اهْتِمَامًا بِذِكْرِهَا لِعِظَمِ أَمْرِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ) هِيَ قَوْلُهُ تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاسِقًا وَذَا بِدْعَةٍ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مِمَّا يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ حَيْثُ لَا قَرَابَةَ وَلَا جِوَارَ وَلَا رَجَاءَ تَوْبَةٍ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُعَادِ وَأُطْلِقَ فِي الْمُعِيدِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ عِيَادَتُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْجَوَازِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ) أَيْ مَشَقَّةٌ غَيْرُ شَدِيدَةٍ وَإِلَّا حَرُمَتْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِدَارِنَا) وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ) الْأَوْلَى بِهَجْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُهَاجَرَةَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ الِانْتِقَالُ مِنْ أَرْضٍ إلَى غَيْرِهَا اهـ.

وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ سَنِّ عِيَادَتِهِمْ بَلْ كَرَاهَتُهَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ زَجْرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي الذَّهَابَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَشِرَاءِ أَدْوِيَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا وَلَوْ كَانَ مَرَضُهُ رَمَدًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حَيَاتِهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ لَهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ إلَخْ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ عَادَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَضَرَ الْمَرِيضُ إلَيْهِ أَوْ أُحْضِرَ بَلْ يَنْبَغِي طَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا إذَا عَلِمَ بِمَرَضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُتَعَدِّي بِهِ وَالْفَوَائِتُ عَلَى مَا فَاتَ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ هُوَ مُكَرَّرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>