عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ، وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِنَحْوِ تَحَلُّلِهِ مِمَّنْ اغْتَابَهُ، أَوْ سَبَّهُ (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِمَعْنَى الْخُرُوجِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ مُوَسَّعًا، أَوْ مُضَيَّقًا كَأَدَاءِ دَيْنٍ وَقَضَاءِ فَوَائِتَ وَغَيْرِهِمَا، وَمَعْنَى الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ نَدْبُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ كَالْقَمُولِيِّ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مُقْتَضٍ لِلتَّوْبَةِ فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَبْرًا فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى بِدُمُوعِهِ وَقَالَ: إخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» أَيْ تَأَهَّبُوا وَاِتَّخَذُوهُ عِدَّةَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ: وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ عَلَيْهِ ذَنْبًا وَنَسِيَ عَيْنَهُ فَالْوَرَعُ مَا قَالَهُ الْمُحَاسِبِيُّ أَنَّهُ يُعَيِّنُ كُلَّ ذَنْبٍ وَيَنْدَمُ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالتَّوْبَةِ لِتَعَذُّرِهَا، لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ الذَّنْبِ وَكَذَا لَوْ نَسِيَ دَائِنُهُ، وَتَسَامَحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَقُولُ: إنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ لَمْ أَعْلَمْهُ فَإِنِّي تَائِبٌ إلَى اللَّهِ مِنْهُ اهـ.
أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ. . إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذَنْبٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْفِي فِيهِ عُمُومُ التَّوْبَةِ إذْ التَّعْيِينُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إلَى أَهْلِهَا) الْمُرَادُ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِيَشْمَلَ نَحْوَ الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغِيبَةِ وَقَضَاءِ الصَّلَاةِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَظْلُومِ. وَمَحَلُّ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ حَيْثُ قَدِرَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدِرَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عُرِفَ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظَلَمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُرَادُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لِلظَّالِمِ اسْتِحْقَاقُ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا، لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. هَذَا وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يُبَلِّغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ، فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةِ مُخَالِفٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الصَّلَاةَ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِمَّا ظَلَمَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَضَاءِ فَوَائِتَ) قَالَ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: وَمِنْهَا قَضَاءُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ سَائِرِ زَمَنِهِ لِذَلِكَ مَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نِسْيَانِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَدِرَ عَلَى قَضَائِهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَانَ يَسْتَغْرِقُ قَضَاؤُهَا زَمَنًا كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَزْمُهُ عَلَى قَضَائِهَا مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَتَزْوِيجُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فِي مَقْدُورِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا) أَيْ بِأَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَظْلِمَةٌ يَرُدُّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّجْدِيدُ، وَهَذَا فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَنْبٌ أَصْلًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّوْبَةِ فِي حَقِّهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ الذَّنْبِ، وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ أَوْ يُنْزِلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْعَاصِي بِأَنْ يَرَى كُلَّ طَاعَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ دُونَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُوَسَّعًا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ مُوَسَّعًا (قَوْلُهُ: كَأَدَاءِ دَيْنٍ) الْكَافُ فِيهِ تَنْظِيرِيَّةٌ لَا تَمْثِيلِيَّةٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا تَمْثِيلِيَّةً بِقَصْرِ الدَّيْنِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute