للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا دَامَ يَحْمِلُهُ (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تَعُمُّهُمَا يَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ وَقُبْحِ مَنْظَرِهِ (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ أَصَابِعُهُ إلَى بَطْنِ كَفِّهِ وَسَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخِذِهِ وَهُوَ إلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا تَسْهِيلًا لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، فَإِنْ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ، فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ لَانَتْ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ تَلْيِينُهَا بَعْدُ.

وَلَوْ احْتَاجَ فِي تَلْيِينِ ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الدُّهْنِ فَلَا بَأْسَ، حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمَا (وَسُتِرَ جَمِيعُ بَدَنِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (بِثَوْبٍ) فَقَطْ «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ يُنْسَجُ بِالْيَمَنِ (خَفِيفٍ) لِئَلَّا يَحْمِيَهُ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ وَيُجْعَلُ طَرَفَاهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ، أَمَّا الْمُحْرِمُ فَيُسْتَرُ مِنْهُ مَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ مِنْهُ (وَوُضِعَ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ) بِأَنْ يُوضَعَ فَوْقَ الثَّوْبِ كَمَا اُعْتِيدَ، أَوْ تَحْتَهُ مِنْ حَدِيدٍ كَسَيْفٍ وَمِرْآةٍ وَسِكِّينٍ بِطُولِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ طِينٌ رَطْبٌ، ثُمَّ مَا تَيَسَّرَ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، وَقَدَّرَهُ أَبُو حَامِدٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا: أَيْ تَقْرِيبًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُوضَعُ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَدِيدِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْأَكْمَلِ لَا لِأَصْلِ السُّنَّةِ، وَيُسَنُّ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْهُ احْتِرَامًا لَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ كُتُبَ الْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ (وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) نَدْبًا مِمَّا هُوَ مُرْتَفِعٌ كَدِكَّةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْشٍ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا وَلِئَلَّا يَحْمَى عَلَيْهِ الْفَرْشُ فَيُغَيِّرُهُ، فَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً فَلَا بَأْسَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَيْهِ الْفَسَادُ.

(قَوْلُهُ: مَا دَامَ يَحْمِلُهُ) أَيْ إلَى الْمُغْتَسَلِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ إمَامُ الْجِنَازَةِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: يَرْبِطُهَا) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِفَمِهِ عَنْ الْهَوَامِّ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْهَامَّةُ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ، وَقَدْ أُطْلِقَتْ الْهَوَامُّ عَلَى مَا يُؤْذِي، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَيُقَالُ لِدَوَابِّ الْأَرْضِ جَمِيعًا الْهَوَامُّ مَا بَيْنَ قَمْلَةٍ إلَى حَيَّةٍ، وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك» وَالْمُرَادُ الْقَمْلُ عَنْ الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الْأَذَى اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ، وَفِيهِ «كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَيَقُولُ: أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ سَامَّةٍ» بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ " وَهَامَّةٍ " الْهَامَّةُ كُلُّ ذَاتِ سُمٍّ يَقْتُلُ وَالْجَمْعُ الْهَوَامُّ، فَأَمَّا مَا يَسُمُّ وَلَا يَقْتُلُ فَهُوَ السَّامَّةُ كَالْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورُ، وَقَدْ تَقَعُ الْهَوَامُّ عَلَى مَا يَدِبُّ مِنْ الْحَيَوَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ كَالْحَشَرَاتِ اهـ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِعَارَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ) ظَاهِرُهُ إبَاحَةُ ذَلِكَ وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ حَيْثُ شَقَّ غُسْلُهُ أَوْ تَكْفِينُهُ بِدُونِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إذَا تَوَقَّفَ إصْلَاحُ تَكْفِينِهِ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ إزْرَاءَهُ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: سُجِّيَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ غُطِّيَ بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ إلَخْ خِلَافُهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ غُطِّيَ فَوْقَ ثِيَابِهِ فَيَكُونُ اسْتِدْلَالًا عَلَى مُجَرَّدِ السَّتْرِ بِالثَّوْبِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَعْدَ نَزْعِ الثِّيَابِ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَ شَيْءٌ آخَرَ) وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْهَاتِفُ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ فَكَيْفَ رَجَعَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَيْهِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ حِينَ سَمَاعِ الْهَاتِفِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِينَ لِعَدَمِ تَجْرِيدِهِ مِنْ ثِيَابِهِ فَلَمْ يَسْتَنِدُوا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الْهَاتِفِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تُحْمِيَهُ) بِضَمِّ التَّاءِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: حُمَّى النَّارِ بِالْكَسْرِ وَالتَّنَوُّرُ أَيْضًا اشْتَدَّ حَرُّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَأُحْمَى الْحَدِيدُ فِي النَّارِ فَهُوَ مَحْمِيٌّ وَلَا تَقُلْ حَمَّاهُ (قَوْلُهُ مَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ مَا عَدَا رَأْسِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوضَعَ فَوْقَ الثَّوْبِ) أَيْ وَهُوَ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَزَعْمُ أَخْذِهِ مِنْ الْمَتْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَالرَّوْضَةِ عَطْفُهُ عَلَى وَضْعِ الثَّوْبِ بِالْوَاوِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ صَوْنُ الْمُصْحَفِ عَنْهُ) بَلْ يَحْرُمُ إنْ مُسَّ أَوْ قُرِّبَ مِمَّا فِيهِ قَذِرٌ وَلَوْ طَاهِرًا أَوْ جُعِلَ عَلَى هَيْئَةِ تَنَافِي تَعْظِيمِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَدِكَّةٍ مِنْ غَيْرِ فُرُشٍ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ) أَيْ لَا عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ وَلَعَلَّ مَرْجِعَهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يُجْعَلُ عَلَى الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>