كَمَا مَرَّ مِنْ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ (وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) عَنْ النَّاسِ، لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْغَاسِلُ وَمُعِينُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يُخْفِيهِ، وَلِلْوَلِيِّ الدُّخُولُ وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُعَنْ لِحِرْصِهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ وَقَدْ غَسَّلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ، ثُمَّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، وَإِلَّا فَكَأَجْنَبِيٍّ، وَمُرَادُهُ بِالْوَلِيِّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ كَمَا فِي الْأُمِّ (عَلَى لَوْحٍ) ، أَوْ سَرِيرٍ هُيِّئَ لِذَلِكَ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَاشُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَكْمَلِ إذْ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ أُخَرُ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهِ كَمَالٌ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ تَغْسِيلَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَكْمَلَ بِمَعْنَى كَامِلٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّ مَا عَدَاهُ كَامِلٌ مِنْ حَيْثُ أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَدَمُ كَمَالٍ مِنْ جِهَةِ أَدَاءِ السُّنَّةِ، وَيُؤَيِّدُ الْجَوَابَ الثَّانِيَ أَخْذُهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَالْفَضْلَ كَانَا يُبَاشِرَانِ الْغُسْلَ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي آخِرِ بَابِ مَا جَاءَ فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَنُو أَبِيهِ مَا نَصُّهُ: فَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ لِحَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ سَعْدٍ وَالْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَاهِيَاتِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ بِلَفْظِ «أَوْصَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ لَا يَرَى عَوْرَتِي أَحَدٌ إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» زَادَ بْنُ سَعْدٍ قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْفَضْلُ وَأُسَامَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ وَهُمَا مَعْصُوبَا الْعَيْنِ. قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَمَا تَنَاوَلْت عُضْوًا إلَّا كَأَنَّمَا يُقِلُّهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا حَتَّى فَرَغْت مِنْ غُسْلِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ «يَا عَلِيُّ لَا يُغَسِّلْنِي إلَّا أَنْتَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ الْفَضْلُ يُعِينَانِهِ وَقُثَمُ وَأُسَامَةُ وَشُقْرَانُ وَمَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُبُّونَ الْمَاءَ وَأَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةٌ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ اهـ. وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَرَى أَحَدٌ غَيْرُك، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا إلَخْ: أَيْ وَأَنْتَ تُحَافِظُ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ غَيْرِك (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَيَكُونُ حُضُورُهُ خِلَافَ الْأَوْلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأَكْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْوَلِيِّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ الِابْنُ وَالْأَبُ أَوْ الْعَمُّ وَالْجَدُّ فَهَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَدْلَى بِوَاسِطَةِ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا؟ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَتَقْدِيمَ الْجَدِّ عَلَى الْعَمِّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ الْأَقْرَبُ هُنَا مَنْ أَدْلَى بِجِهَتَيْنِ عَلَى مَنْ أَدْلَى بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا فِي الْعُمُومَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْأَقْرَبِ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ أَوْ لِلْأَبِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَمِّ لَهُ عُصُوبَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْوَرَثَةِ مَا يَشْمَلُ ذَوِي الْأَرْحَامِ، هَذَا وَسَيَأْتِي أَنَّ أَوْلَاهُمْ يُغَسِّلُهُ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ فَيَكُونَانِ مُقَدَّمَيْنِ فِي الْغُسْلِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ مَا هُنَا بِهِمَا مَا يَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ مُبَاشَرَةٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَقْدِيمُ الْأَشْفَقِ بَلْ رَوْعِي الْأَقْرَبُ.
[فَرْعٌ] لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْمَيِّتِ وَمُغَسِّلُهُ فِي أَقَلِّ الْغُسْلِ وَأَكْمَلِهِ فِي التَّغْسِيلِ فَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُغَسِّلِ، وَهَلْ يَجْرِي مَا قِيلَ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ فِي تَغْسِيلِ الذِّمِّيِّ حَتَّى إنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَاسِلِ أَنْ يُوَضِّئَهُ كَوُضُوءِ الْحَيِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْغَاسِلِ الْأَوْلَى يُطْلَبُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَبَ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْكَافِرِ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فَلَا يُطْلَبُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ. أَمَّا الْجَوَازُ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْوَلِيِّ وَالْغَاسِلِ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ) هُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ غَيْرِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ. . إلَخْ،
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute