وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ.
(ثُمَّ يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى بَعْدَ أَنْ يُلْقِيَ الْأُولَى وَيُغَسِّلُ يَدَهُ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ إنْ تَلَوَّثَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ) السَّبَّابَةَ (فَمَهُ) كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ مِنْ الْيُسْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَكُونُ مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يُزِيلُ مَا فِي أَنْفِهِ بِيَسَارِهِ، وَفَارَقَ الْحَيَّ حَيْثُ يَتَسَوَّكُ بِالْيُمْنَى لِلْخِلَافِ، وَلِأَنَّ الْقَذِرَ ثَمَّ لَا يَتَّصِلُ بِالْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ لِئَلَّا يَسْبِقَ الْمَاءُ لِجَوْفِهِ فَيُسْرِعُ فَسَادُهُ (وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ) كَمَا فِي الْحَيِّ (وَيُزِيلُ) بِأُصْبُعِهِ الْخِنْصَرِ مَبْلُولَةً بِمَاءٍ (مَا فِي مَنْخِرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ (مِنْ أَذَى) كَمَا فِي مَضْمَضَةِ الْحَيِّ وَاسْتِنْشَاقِهِ (وَيُوَضِّئُهُ) بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (كَالْحَيِّ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ، وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِيهِمَا كَيْ لَا يَسْبِقَ الْمَاءُ جَوْفَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُنْدَبْ فِيهِمَا مُبَالَغَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا مَا مَرَّ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ كَالسِّوَاكِ وَزِيَادَةٌ فِي التَّنْظِيفِ، وَيَتْبَعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ إنْ لَمْ يُقَلِّمْهَا، وَظَاهِرُ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخَيْهِ، وَالْأَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ بَعْدَ تَلْيِينِهَا بِالْمَاءِ لِيَتَكَرَّرَ غُسْلُ مَا تَحْتَهَا.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَنْوِي بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ كَمَا فِي الْغُسْلِ (ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) كَخَطْمِيٍّ، وَالسِّدْرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ وَأَقْوَى لِلْجَسَدِ وَلِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ (وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتَهُ إنْ تَلَبَّدَ فَهُوَ شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَاتٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلُهُ وَأَضْجَعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِلَا حَائِلٍ: حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. لَكِنْ نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي تَقْيِيدُ الْوُجُوبِ بِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. وَيُتَوَقَّفُ فِيهِ بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَلُفَّانِ خِرْقَةً وَلَا مَسَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلُفُّ) مِنْ بَابِ رَدَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ) أَيْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْتَحَ أَسْنَانَهُ، فَلَوْ خَالَفَ وَفَتَحَ فَإِنْ عَدَّ إزْرَاءٌ أَوْ وَصَلَ الْمَاءُ لِجَوْفِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ وَكَانَ يَلْزَمُهُ طُهْرُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَتَوَقَّفَ عَلَى فَتْحِ أَسْنَانِهِ اُتُّجِهَ فَتْحُهَا وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ (قَوْلُهُ: وَبِكَسْرِ الْخَاءِ) وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا، وَقِيلَ بِكَسْرِهِمَا اهـ حَجّ. وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُ بِعُودٍ) أَيْ وُجُوبًا إنْ عَلِمَ أَنَّ تَحْتَهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَلَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِمَا ذُكِرَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَيِّتِ عَظِيمًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَنْوِي) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: الْوُضُوءَ الْمَسْنُونَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُضُوءِ الْمَيِّتِ مِنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ بَعْدَ غَسْلِهِمَا جَمِيعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ، فَلَوْ غَسَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَرَّحَهَا وَفَعَلَ هَكَذَا فِي اللِّحْيَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ إنْ تَلَبَّدَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَلَبَّدْ لَا يُسَنُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا) اُنْظُرْ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا وَغَيْرَهُ، وَأَنَّ مُقَابِلَ الْمُعْتَمَدِ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ وَاسِعَ الْأَسْنَانِ أَوْ لَا وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ) رَاجِعٌ إلَى التَّقْيِيدِ بِالسَّبَّابَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ) فِي التُّحْفَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَبِفَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ وَهِيَ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخَيْهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطٌ لِتَسْرِيحِهِمَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُشْطُ وَاسِعُ الْأَسْنَانِ وَغَيْرُهُ: أَيْ خِلَافًا لِلْإِمْدَادِ مِنْ جَعْلِ التَّلَبُّدِ شَرْطًا لِسِنِّ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ فَقَطْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute