للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، مِنْهُمْ وديعة بن ثابت أخو بنى عمرو ابن عَوْفٍ، وَمِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ حَلِيفٌ لِبَنِي سلمه، يقال له مخشى ابن حمير، يسيرون مع رسول الله ص وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتَحْسَبُونَ قِتَالَ بَنِي الأَصْفَرِ كَقِتَالِ غَيْرِهِمْ! وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ غَدًا مُقْرَنِينَ فِي الْحِبَالِ، إِرْجَافًا وترهيبا للمؤمنين فقال مخشى ابن حُمَيِّرٍ: وَاللَّهِ لَوَدَدْتُ أَنِّي أُقَاضَى عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَأَنَّا نَنْفَلِتُ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِينَا قُرْآنًا لِمَقَالَتِكُمْ هذه [وقال رسول الله ص- فِيمَا بَلَغَنِي- لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَدْرِكِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدِ احْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمَّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ: بَلَى قَدْ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا] فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ عَمَّارٌ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَقَامَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَسُولُ اللَّهِ وَاقِفٌ عَلَى نَاقَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ آخِذٌ بِحَقَبِهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ» وَقَالَ مَخْشِيُّ بْنُ حُمَيِّرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَعَدَ بِي اسْمِي وَاسْمَ أَبِي، فَكَانَ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ مَخْشِيُّ بْنُ حُمَيِّرٍ، فَسُمِّيَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَهُ شَهِيدًا لا يُعْلَمُ مَكَانُهُ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ فَلَمَّا انْتَهَى رسول الله ص إِلَى تَبُوكَ، أَتَاهُ يُحَنةُ بْنُ رُؤْبَةَ، صَاحِبُ ايله، فصالح رسول الله ص واعطاه الجزية، واهل جرباء واذرح اعطوه الجزية، وكتب رسول الله ص لِكُلٍّ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ.

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله ص دَعَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَبَعَثَهُ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ- وَهُوَ أُكَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ، كَانَ مَلِكًا عَلَيْهَا، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا- فقال رسول الله ص لِخَالِدٍ: إِنَّكَ سَتَجِدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>