وخرج أشباههم من بني يربوع، حَتَّى نزلوا على الحصين بْن نيار فِي بني مازن، وقد كرهوا ما صنع مالك، فلما جاءت رسلها إلى بني مالك تطلب الموادعة، أجابها إلى ذَلِكَ وكيع، فاجتمع وكيع ومالك وسجاح، وقد وادع بعضهم بعضا، واجتمعوا على قتال الناس وقالوا: بمن نبدأ؟ بخضم، أم ببهدي، أم بعوف والأبناء، أم بالرباب؟ وكفوا عن قيس لما رأوا من تردده وطمعوا فيه، فقالت: أعدوا الركاب، واستعدوا للنهاب، ثُمَّ أغيروا على الرباب، فليس دونهم حجاب.
قَالَ: وصمدت سجاح للأحفار حَتَّى تنزل بِهَا، وقالت لهم: إن الدهناء حجاز بني تميم، ولن تعدو الرباب، إذا شدها المصاب، أن تلوذ بالدجاني والدهاني، فلينزلها بعضكم فتوجه الجفول- يعني مالك بْن نويرة- إلى الدجاني فنزلها، وسمعت بهذا الرباب فاجتمعوا لَهَا، ضبتها وعبد مناتها، فولي وكيع وبشر بني بكر من بني ضبة، وولي ثعلبة بْن سعد بْن ضبة عقة، وولي عبد مناة الهذيل فالتقى وكيع وبشر وبنو بكر من بني ضبة، فهُزما، وأسر سماعة ووكيع وقعقاع، وقتلت قتلى كثيرة، فَقَالَ فِي ذَلِكَ قيس بْن عاصم، وذلك أول ما استبان فيه الندم:
كأنك لم تشهد سماعة إذ غزا ... وما سر قعقاع وخاب وكيع
رأيتك قد صاحبت ضبة كارها ... على ندب فِي الصفحتين وجيع
ومطلق أسرى كَانَ حمقا مسيرها ... إلى صخرات أمرهن جميع
فصرفت سجاح والهذيل وعقة بني بكر، للموادعة التي بينها وبين وكيع- وَكَانَ عقة خال بشر- وقالت: اقتلوا الرباب ويصالحونكم ويطلقون أسراكم، وتحملون لهم دماءهم، وتحمد غب رأيهم أخراهم فاطلقت