لهم ضبة الأسرى، وودوا القتلى، وخرجوا عنهم فَقَالَ فِي ذَلِكَ قيس يعيرهم صلح ضبة، إسعادا لضبة وتأنيبا لهم ولم يدخل فِي أمر سجاح عمري ولا سعدي ولا ربي، ولم يطمعوا من جميع هؤلاء إلا فِي قيس، حَتَّى بدا مِنْهُ إسعاد ضبة، وظهر مِنْهُ الندم ولم يمالئهم من حنظلة إلا وكيع ومالك، فكانت ممالأتهما موادعة على أن ينصر بعضهم بعضا، ويحتاز بعضهم إلى بعضهم، وقال أصم التيمي فِي ذَلِكَ:
أتتنا أخت تغلب فاستهدت ... جلائب من سراة بني أبينا
وأرست دعوة فينا سفاها ... وكانت من عمائر آخرينا
فما كنا لنرزيهم زبالا ... وما كانت لتسلم إذ أتينا
ألا سفهت حلومكم وضلت ... عشية تحشدون لَهَا ثبينا
قَالَ: ثُمَّ إن سجاح خرجت فِي جنود الجزيرة، حَتَّى بلغت النباج، فأغار عليهم أوس بْن خزيمة الهجيمي فيمن تأشب إليه من بني عمرو، فأسر الهذيل، أسره رجل من بني مازن ثُمَّ أحد بني وبر، يدعى ناشرة.
وأسر عقة، أسره عبدة الهجيمي، وتحاجزوا على أن يترادوا الأسرى، وينصرفوا عنهم، ولا يجتازوا عليهم، ففعلوا، فردوها وتوثقوا عليها وعليهما، أن يرجعوا عنهم، ولا يتخذوهم طريقا إلا من ورائهم فوفوا لهم، ولم يزل فِي نفس الهذيل على المازني، حَتَّى إذا قتل عثمان بْن عفان، جمع جمعا فأغار على سفار، وعليه بنو مازن، فقتلته بنو مازن ورموا بِهِ فِي سفار.
ولما رجع الهذيل وعقة إليها واجتمع رؤساء أهل الجزيرة قالوا لَهَا: ما تأمريننا؟
فقد صالح مالك ووكيع قومهما، فلا ينصروننا ولا يزيدوننا على أن نجوز فِي أرضهم، وقد عاهدنا هؤلاء القوم فقالت: اليمامة، فقالوا: إن شوكة أهل اليمامة شديدة، وقد غلظ أمر مسيلمة، فقالت: عليكم باليمامة،