للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن أبيه، عن كثير بْن الصلت، قال: وكان زياد بْن لبيد حين رجع الكنديون ولجوا ولج الحضرميون، ولى صدقات بني عمرو بْن معاوية بنفسه، فقدم عليهم وهم بالرياض، فصدق أول من انتهى إليه منهم، وهو غلام، يقال له شيطان بْن حجر، فأعجبته بكرة من الصدقة، فدعا بنار فوضع عليها الميسم، وإذا الناقة لأخي الشيطان العداء بْن حجر، وليست عليه صدقة، وكان أخوه قد أوهم حين أخرجها وظنها غيرها، فقال العداء: هذه شذرة باسمها، فقال الشيطان: صدق أخي، فإني لم أعطكموها إلا وأنا أراها غيرها، فأطلق شذرة وخذ غيرها، فإنها غير متروكة فرأى زياد أن ذلك منه اعتلال، واتهمه بالكفر ومباعدة الإسلام وتحري الشر.

فحمي وحمي الرجلان، فقال زياد: لا ولا تنعم، ولا هي لك، لقد وقع عليها ميسم الصدقة وصارت في حق اللَّه، ولا سبيل إلى ردها، فلا تكونن شذرة عليكم كالبسوس، فنادى العداء: يا آل عمرو، بالرياض أضام واضطهد! إن الذليل من أكل في داره! ونادى: يا أبا السميط، فأقبل ابو السميط حارثة بن سراقه بن معديكرب، فقصد لزياد بْن لبيد وهو واقف، فقال: أطلق لهذا الفتى بكرته، وخذ بعيرا مكانها، فإنما بعير مكان بعير، فقال: ما إلى ذلك سبيل! فقال: ذاك إذا كنت يهوديا! وعاج إليها، فأطلق عقالها، ثم ضرب على جنبها، فبعثها وقام دونها، وهو يقول:

يمنعها شيخ بخديه الشيب ... ملمع كما يلمع الثوب

فأمر به زياد شبابا من حضرموت والسكون، فمغثوه وتوطئوه، وكتفوه وكتفوا أصحابه، وارتهنوهم، وأخذوا البكره فعقلوها كما كانت، وقال زياد ابن لبيد في ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>