الْقَصْرِ مِنْ رِجَالٍ مُتَعَلِّقِي الْمَخَالِي، يَرْمُونَ الْمُسْلِمِينَ بِالْخَزَازِيفِ- وَهِيَ الْمَدَاحِي مِنَ الْخَزَفُ- فَقَالَ ضِرَارٌ: ارْشقُوهُمْ، فَدَنَوْا مِنْهُمْ فَرَشَقَوُهُمْ بِالنَّبْلِ، فَأَعْرَوْا رُءُوسَ الْحِيطَانِ، ثُمَّ بَثُّوا غَارَتَهُمْ فِيمَنْ يَلِيهِمْ، وَصَبَحَ أَمِيرُ كُلِّ قَوْمٍ أَصْحَابَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَافْتَتَحُوا الدُّورَ وَالدِّيرَاتِ، وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ، فَنَادَى الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ: يَا أَهْلَ الْقُصُورِ، مَا يَقْتُلُنَا غَيْرُكُمْ فَنَادَى أَهْلُ الْقُصُورِ:
يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، قَدْ قَبِلْنَا وَاحِدَةً مِنْ ثَلاثٍ، فَادْعُوا بِنَا وَكُفُّوا عَنَّا حَتَّى تُبَلِّغُونَا خَالِدًا فَخَرَجَ إِيَاسُ بْنُ قَبِيصَةَ وَأَخُوهُ إِلَى ضِرَارِ بْنِ الأَزْوَرِ، وَخَرَجَ عَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ وَزَيْدُ بْنُ عَدِيٍّ إِلَى ضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ- وَعَدِيٌّ الأَوْسَطُ الَّذِي رَثَتْهُ أُمُّهُ وَقُتِلَ يَوْمَ ذِي قَارٍ- وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْمَسِيحِ وَابْنُ أَكَّالٍ، هَذَا إِلَى ضِرَارِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَهَذَا إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ، فَأَرْسَلُوهُمْ إِلَى خَالِدٍ وَهُمْ عَلَى مَوَاقِفِهِمْ.
كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد عن أبي عثمان، وطلحة عن المغيرة، قالا: كَانَ أَوَّلُ مَنْ طَلَبَ الصُّلْحَ عَمْرَو بْنَ عبد المسيح ابن قَيْسِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ بُقَيْلَةُ- وَإِنَّمَا سُمِّيَ بُقَيْلَةَ لأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي بُرْدَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، فَقَالُوا: يَا حَارِ مَا أَنْتَ إِلا بُقَيْلَةٌ خَضْرَاءُ- وَتَتَابَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَأَرْسَلَهُمُ الرُّؤَسَاءُ إِلَى خَالِدٍ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثِقَةٌ، لِيُصَالِحَ عَلَيْهِ أَهْلَ الْحِصْنِ، فَخَلا خَالِدٌ بِأَهْلِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْهُمْ دُونَ الآخَرِينَ، وَبَدَأَ بِأَصْحَابِ عَدِيٍّ، وَقَالَ: وَيْحَكُمْ! مَا أَنْتُمْ! أَعَرَبٌ؟ فَمَا تَنْقِمُونَ مِنَ الْعَرَبِ! أَوْ عَجَمٌ؟ فَمَا تَنْقِمُونَ مِنَ الإِنْصَافِ وَالْعَدْلِ! فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ: بَلْ عَرَبٌ عَارِبَةٌ وَأُخْرَى مُتَعَرِّبَةٌ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ لَمْ تُحَادُّونَا وَتَكْرَهُوا أَمْرَنَا، فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ: لِيَدُلُّكَ عَلَى مَا نَقُولُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا لِسَانٌ إِلا بِالْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ وَقَالَ: اخْتَارُوا وَاحِدَةً مِنْ ثَلاثٍ:
أَنْ تَدْخُلُوا فِي دِينِنَا فَلَكُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْنَا إِنْ نَهَضْتُمْ وَهَاجَرْتُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute