وَإِنْ أَقَمْتُمْ فِي دِيَارِكُمْ، أَوِ الْجِزْيَةَ، أَوِ الْمُنَابَذَةَ وَالْمُنَاجَزَةَ، فَقَدْ وَاللَّهِ أَتَيْتُكُمْ بِقَوْمٍ هُمْ عَلَى الْمَوْتِ أَحْرَصُ مِنْكُمْ عَلَى الْحَيَاةِ فَقَالَ: بَلْ نُعْطِيكَ الْجِزْيَةَ، فَقَالَ خَالِدٌ: تَبًّا لَكُمْ، وَيْحَكُمْ! إِنَّ الْكُفْرَ فَلاةٌ مُضِلَّةٌ، فَأَحْمَقُ الْعَرَبِ مَنْ سَلَكَهَا فَلَقِيَهُ دَلِيلانِ: أَحَدُهُمَا عَرَبِيٌّ فَتَرَكَهُ وَاسْتَدَلَّ الأَعْجَمِيَّ.
فَصَالَحُوهُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَتِسْعِينَ أَلْفًا، وَتَتَابَعُوا عَلَى ذَلِكَ، وَأَهْدُوا لَهُ هَدَايَا، وَبَعَثَ بِالْفَتْحِ وَالْهَدَايَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعَ الْهُذَيْلِ الْكَاهِلِيِّ، فَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْجَزَاءِ، وَكَتبَ إِلَى خَالِدٍ أَنِ احْسِبْ لَهُمْ هَدِيَّتَهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ، إِلا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَزَاءِ، وَخُذْ بَقِيَّةَ مَا عَلَيْهِمْ فَقُوِّ بِهَا أَصْحَابَكَ: وَقَالَ ابْنُ بُقَيْلَةَ:
أبعد المنذرين ارى سواما ... تروح بالخورنق والسدير!
وبعد فوارس النعمان أرعى ... قلوصا بين مرة والحفير
فصرنا بعد هلك أبي قبيس ... كجرب المعز في اليوم المطير
تقسمنا القبائل من معد ... علانية كأيسار الجزور
وكنا لا يرام لنا حريم ... فنحن كضرة الضرع الفخور
نؤدي الخرج بعد خراج كسرى ... وخرج من قريظة والنضير
كذاك الدهر دولته سجال ... فيوم من مساءه او سرور
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنِ الْغُصْنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ بِنَحْوٍ مِنْهُ، وَقَالا: فَكَانُوا يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ وَيُقَدِّمُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ الْمَسِيحِ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ مِنَ السِّنِينَ قَالَ: مئو سنين، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ؟
قَالَ: رَأَيْتُ الْقُرَى مَنْظُومَةً مَا بَيْنَ دِمَشْقَ وَالْحِيرَةِ، تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحِيرَةِ فَلا تَزَوَّدُ إِلا رَغِيفًا فَتَبَسَّمَ خَالِدٌ، وَقَالَ:
هَلْ لَكَ من شيخك الا عمله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute