للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ذَا الْمَرْوَةِ، وَأَتَى أَبَا بَكْرٍ الْخَبَرُ كَتَبَ إِلَى خَالِدٍ:

أَقِمْ مَكَانَكَ، فَلَعَمْرِي إِنَّكَ مِقْدَامٌ مِحْجَامٌ، نَجَّاءُ مِنَ الْغَمَرَاتِ، لا تَخُوضُهَا إِلا إِلَى حَقٍّ، وَلا تَصْبِرُ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ قَالَ خَالِدٌ: اعْذُرْنِي، قَالَ: أَخْطَلُ! أَنْتَ امْرُؤٌ جُبْنٌ لَدَى الْحَرْبِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ أَعْلَمَ بِخَالِدٍ، وَلَوْ أَطَعْتُهُمَا فِيهِ اخْتَشَيْتُهُ وَاتَّقَيْتُهُ! كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مُبَشِّرٍ وَسَهْلٍ وَأَبِي عُثْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ وَعُبَادَةَ وَأَبِي حَارِثَةَ، قَالُوا: وَأَوْعَبَ الْقُوَّادُ بِالنَّاسِ نَحْوَ الشَّامِ وَعِكْرِمَةُ رِدْءٌ لِلنَّاسِ، وَبَلَغَ الرُّومَ ذَلِكَ، فَكَتَبُوا إِلَى هِرَقْلَ، وَخَرَجَ هِرَقْلُ حَتَّى نَزَلَ بِحِمْصَ، فَأَعَدَّ لَهُمُ الْجُنُودَ، وَعَبَّى لَهُمُ الْعَسَاكِرَ، وَأَرَادَ اشْتِغَالَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لِكَثْرَةِ جُنْدِهِ، وَفُضُولِ رِجَالِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَمْرٍو أَخَاهُ تذارقَ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَخَرَجَ نَحْوَهُمْ فِي تِسْعِينَ أَلْفًا، وَبَعَثَ مَنْ يَسُوقُهُمْ، حَتَّى نَزَلَ صَاحِبُ السَّاقَةِ ثَنِيَّةَ جلق بِأَعْلَى فِلَسْطِينَ، وَبَعَثَ جرجةَ بْنَ توذرَا نَحْوَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَعَسْكَرَ بِإِزَائِهِ، وَبَعَثَ الدّرَاقصَ فَاسْتَقْبَلَ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، وَبَعَثَ الْفَيْقَارَ بْنَ نسطوسَ فِي سِتِّينَ أَلْفًا نَحْوَ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَهَابَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَجَمِيعُ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، سِوَى عِكْرِمَةَ فِي سِتَّةِ آلافٍ، فَفَزِعُوا جَمِيعًا بِالْكُتُبِ وَبِالرُّسُلِ إِلَى عَمْرٍو: أَنَّ مَا الرَّأْيُ؟

فَكَاتَبَهُمْ وَرَاسَلَهُمْ: أَنَّ الرَّأْيَ الاجْتِمَاعُ، وَذَلِكَ أَنَّ مِثْلَنَا إِذَا اجْتَمَعَ لَمْ يُغْلَبْ مِنْ قِلَّةٍ، وَإِذَا نَحْنُ تَفَرَّقْنَا لَمْ يَبْقَ الرَّجُلُ مِنَّا فِي عَدَدٍ يُقْرَنُ فيه لأحد ممن استقبلنا واعد لنا لِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنَّا فَاتَّعِدُوا الْيَرْمُوكَ لِيَجْتَمِعُوا بِهِ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا كَاتَبُوا بِهِ عَمْرًا، فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ كِتَابُهُ بِمِثْلِ رَأْيِ عَمْرٍو، بِأَنِ اجْتَمِعُوا فَتَكُونُوا عَسْكَرًا وَاحِدًا، وَالْقَوْا زُحُوفَ الْمُشْرِكِينَ بِزَحْفِ الْمُسْلِمِينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>