للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جندا فلما اجتمع المسلمون، أمرهم بمنزل واحد واسع جامع حصين، فنزلوا بالواقوصة، وخرج فنزل حمص، فلما بلغه أن خالدا قد طلع على سوى وانتسف أهله وأموالهم، وعمد إلى بصرى وافتتحها وأباح عذراء، قال لجلسائه: ألم أقل لكم لا تقاتلوهم! فإنه لا قوام لكم مع هؤلاء القوم، إن دينهم دين جديد يجدد لهم ثبارهم، فلا يقوم لهم أحد حتى يبلى.

فقالوا: قاتل عن دينك ولا تجبن الناس، واقض الذي عليك، قال:

وأي شيء أطلب إلا توفير دينكم! ولما نزلت جنود المسلمين اليرموك، بعث إليهم المسلمون: إنا نريد كلام أميركم وملاقاته، فدعونا نأته ونكلمه، فأبلغوه فأذن لهم فأتاه أبو عبيدة ويزيد بْن أبي سفيان كالرسول، والحارث بْن هشام وضرار بْن الأزور وأبو جندل بْن سهيل، ومع أخي الملك يومئذ ثلاثون رواقا في عسكره وثلاثون سرادقا، كلها من ديباج، فلما انتهوا إليها أبوا أن يدخلوا عليه فيها، وقالوا: لا نستحل الحرير فابرز لنا فبرز إلى فرش ممهدة، وبلغ ذلك هرقل، فقال: ألم أقل لكم! هذا أول الذل، أما الشام فلا شأم، وويل للروم من المولود المشئوم! ولم يتأت بينهم وبين المسلمين صلح، فرجع أبو عبيدة وأصحابه واتعدوا، فكان القتال حتى جاء الفتح.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن مطرح، عن القاسم، عن أبي أمامة وأبي عثمان، عن يزيد بْن سنان، عن رجال من أهل الشام ومن أشياخهم، قالوا: لما كان اليوم الذي تأمر فيه خالد، هزم اللَّه الروم مع الليل، وصعد المسلمون العقبة، وأصابوا ما في العسكر، وقتل اللَّه صناديدهم ورءوسهم وفرسانهم، وقتل اللَّه أخا هرقل، وأخذ التذارق، وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دون مدينة حمص، فارتحل فجعل حمص بينه وبينهم، وأمر عليها أميرا وخلفه فيها، كما كان أمر على دمشق، وأتبع المسلمون الروم حين هزموهم خيولا يثفنونهم ولما صار إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>