أبي عبيدة الأمر بعد الهزيمة، نادى بالرحيل، وارتحل المسلمون بزحفهم حتى وضعوا عساكرهم بمرج الصفر قال أبو أمامة: فبعثت طليعة من مرج الصفر، معي فارسان، حتى دخلت الغوطة فجستها بين أبياتها وشجراتها، فقال أحد صاحبي: قد بلغت حيث أمرت فانصرف لا تهلكنا، فقلت:
قف مكانك حتى تصبح أو آتيك فسرت حتى دفعت إلى باب المدينة، وليس في الأرض أحد ظاهر، فنزعت لجام فرسي وعلقت عليها مخلاتها، وركزت رمحي، ثم وضعت رأسي فلم أشعر إلا بالمفتاح يحرك عند الباب ليفتح، فقمت فصليت الغداة، ثم ركبت فرسي، فحملت عليه، فطعنت البواب فقتلته، ثم انكفأت راجعا، وخرجوا يطلبوننى، فجعلوا يكفون عني مخافة أن يكون لي كمين، فدفعت إلى صاحبي الأدنى الذي أمرته أن يقف، فلما رأوه قالوا: هذا كمين انتهى إلى كمينه فانصرفوا وسرت أنا وصاحبي، حتى دفعنا إلى صاحبنا الثاني، فسرنا حتى انتهينا إلى المسلمين، وقد عزم أبو عبيدة ألا يبرح حتى يأتيه رأي عمر وأمره، فأتاه فرحلوا حتى نزلوا على دمشق، وخلف باليرموك بشير بْن كعب بْن أبي الحميري في خيل كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سعيد، قال: قال قباث: كنت في الوفد بفتح اليرموك، وقد أصبنا خيرا ونفلا كثيرا، فمر بنا الدليل على ماء رجل قد كنت اتبعته في الجاهلية حين أدركت وأنست من نفسي لأصيب منه، كنت دللت عليه، فأتيته فأخبرته، فقال: قد أصبت، فإذا ريبال من ريابلة العرب قد كان يأكل في اليوم عجز جزور بأدمها ومقدار ذلك من غير العجز ما يفضل عنه إلا ما يقوتني وكان يغير على الحي ويدعني قريبا، ويقول: إذا مر بك راجز يرتجز بكذا وكذا، فأنا ذلك، فشل معي فمكثت بذلك حتى أقطعني قطيعا من مال، وأتيت به أهلي، فهو أول مال أصبته.
ثم إني رأست قومي، وبلغت مبلغ رجال العرب، فلما مر بنا على ذلك الماء