وقيل: إنه كان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك، يقال له صابئ- وقيل:
إن الصابئين به سموا صابئين- وكان عمر متوشلخ تسعمائة وستين سنة، وكان مولد لمك بعد أن مضى من عمر متوشلخ مائة وسبع وثمانون سنة.
ثم ولد لمك نوحا بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة، وذلك لألف سنة وست وخمسين سنة مضت من يوم أهبط الله عز وجل آدم إلى مولد نوح ع، فلما أدرك نوح قال له لمك: قد علمت أنه لم يبق في هذا الموضع غيرنا، فلا تستوحش ولا تتبع الأمة الخاطئة، فكان نوح يدعو إلى ربه، ويعظ قومه فيستخفون به، فأوحى الله عز وجل إليه أنه قد أمهلهم، فأنظرهم ليراجعوا ويتوبوا مدة، فانقضت المدة قبل أن يتوبوا وينيبوا.
وقال آخرون غير من ذكرت قوله: كان نوح في عهد بيوراسب، وكان قومه يعبدون الأصنام، فدعاهم الى الله جل وعز تسعمائة وستة وخمسين سنة، كلما مضى قرن تبعهم قرن، على ملة واحدة من الكفر، حتى أنزل الله عليهم العذاب فأفناهم.
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حدثني هشام، قال:
أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَلَدَ متوشلخُ لمكَ وَنَفَرًا مَعَهُ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، فَوَلَدَ لَمكُ نُوحًا، وَكَانَ لِلمكَ يَوْمَ وُلِدَ نُوحٌ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانُ يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا، وَهُوَ ابن أربعمائة سَنَةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ دَعَاهُمْ فِي نُبُوَّتِهِ مائه وعشرين سنه، ثم امره بصنعه السفينة فصنعها وركبها وهو ابن ستمائه سَنَةٍ، وَغَرِقَ مَنْ غَرِقَ، ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ السفينة ثلاثمائه سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً.