الْجِنِّ وَالإِنْسِ، وَعُقِدَ عَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ وَقَالَ حِينَ قَعَدَ فِي مُلْكِهِ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَكْمَلَ بَهَاءَنَا وَأَحْسَنَ تَأْيِيدَنَا، وَسَنُوسِعُ رَعِيَّتَنَا خَيْرًا وَإِنَّهُ ابْتَدَعَ صَنْعَةَ السُّيُوفِ وَالسِّلاحِ، وَدَلَّ عَلَى صَنْعَةِ الإِبْرِيسمِ وَالْقَزِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يغزل، وامر بِنَسْجِ الثِّيَابِ وَصَبْغِهَا، وَنَحْتِ السُّرُوجِ وَالأَكُفِّ وَتَذْلِيلِ الدَّوَابِّ بِهَا.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ تَوَارَى بَعْدَ ما مضى من ملكه ستمائه سَنَةٍ وَسِتُّ عَشَرَةَ سَنَةً وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَخَلَتِ الْبِلادُ مِنْهُ سَنَةً، وَأَنَّهُ أَمَرَ لِمُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ مِنْهُ بِصَنْعَةِ السُّيُوفِ وَالدُّرُوعِ وَالْبِيضِ وَسَائِرِ صُنُوفِ الأَسْلِحَةِ وَآلَةِ الصُّنَّاعِ مِنَ الْحَدِيدِ وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ مِائَةٍ بِغَزْلِ الإِبْرِيسمِ وَالْقَزِّ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَكُلِّ مَا يُسْتَطَاعُ غَزْلُهُ وَحِيَاكَةِ ذَلِكَ وَصِبْغَتِهِ أَلْوَانًا وَتَقْطِيعِهِ أَنْوَاعًا وَلُبْسِهِ وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ صَنَّفَ النَّاسَ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ:
طَبَقَةَ مُقَاتِلَةٍ، وَطَبَقَةُ فُقَهَاءٍ، وطبقه كتابا وَصُنَّاعًا وَحَرَّاثِينَ، وَاتَّخَذَ طَبَقَةً مِنْهُمْ خَدَمًا، وَأَمَرَ كُلَّ طَبَقَةٍ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَاتِ بِلُزُومِ الْعَمَلِ الَّذِي أَلْزَمَهَا إِيَّاهُ وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ حَارَبَ الشَّيَاطِينَ وَالْجِنَّ وَأَثْخَنَهُمْ وَأَذَلَّهُمْ وَسُخِّرُوا لَهُ وَانْقَادُوا لأَمْرِهِ وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى سَنَةِ سِتِّ عَشْرَةَ وثلاثمائة وَكَّلَ الشَّيَاطِينَ بِقَطْعِ الْحِجَارَةَ وَالصُّخُورَ مِنَ الْجِبَالِ، وَعَمَلِ الرُّخَامِ وَالْجَصِّ وَالْكِلْسِ، وَالْبِنَاءِ بِذَلِكَ، وَبِالطِّينِ الْبنيَانِ وَالْحَمَّامَاتِ، وَصَنْعَةِ النُّورَةِ، وَالنَّقْلِ مِنَ الْبِحَارِ وَالْجِبَالِ وَالْمَعَادِنِ وَالْفلَوَاتِ كُلُّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ مَا يُذَابُ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَأَنْوَاعِ الطِّيبِ وَالأَدْوِيَةِ فَنَفَذُوا فِي كُلِّ ذَلِكَ لأَمْرِهِ ثُمَّ أَمَرَ فَصُنِعَتْ لَهُ عَجَلَةٌ مِنْ زُجَاجٍ، فَصَفَّدَ فِيهَا الشَّيَاطِينَ وَرَكِبَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مِنْ بَلَدِهِ، مِنْ دنباونْدَ إِلَى بَابِلَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ هرمز از فروردين ماه، فَاتَّخَذَ النَّاسُ لِلأُعْجُوبَةِ الَّتِي رَأَوْا مِنْ اجرائه ما اجرى على تلك الحال نوروز، وَأَمَرَهُمْ بِاتِّخَاذِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ عِيدًا، وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّلَذُّذِ فِيهَا، وَكَتَبَ إِلَى النَّاسِ اليوم السادس، وهو خرداذ روز يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ قَدْ سَارَ فِيهِمْ بِسِيرَةٍ ارْتَضَاهَا اللَّهُ، فَكَانَ مِنْ جَزَائِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute