للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفروندَاذُ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ بِآنِيَةٍ فِيهَا أَنْوَاعُ أَطْعِمَةِ فَارِسَ مِنَ الأَلْوَانِ وَالأَخْبِصَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَالُوا: هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمْنَاكَ بِهَا، وَقِرًى لَكَ قَالَ: أَأَكْرَمْتُمُ الْجُنْدَ وَقَرَيْتُمُوهُمْ مِثْلَهُ؟ قَالُوا: لَمْ يَتَيَسَّرْ وَنَحْنُ فَاعِلُونَ، وَإِنَّمَا يَتَرَبَّصُونَ بِهِمْ قُدُومَ الْجَالِنُوسِ وَمَا يَصْنَعُ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا لا يَسَعِ الْجُنْدَ، فَرَدَّهُ، وَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ حَتَّى يَنْزِلَ بِبَارُوسْمَا فَبَلَغَهُ مَسِيرُ الْجَالِنُوسِ.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن النضر بْن السري الضبي، قال: فأتاه الاندرزغر بن الخركبذ بمثل ما جاء به فروخ وفرونداذ.

فقال لهم: أأكرمتم الجند بمثله وقريتموهم؟ قالوا: لا، فرده، وقال:

لا حاجة لنا فيه، بئس المرء أبو عبيد، إن صحب قوما من بلادهم أهراقوا دماءهم دونه، أو لم يهريقوا فاستأثر عليهم بشيء يصيبه! لا والله لا يأكل مما أفاء اللَّه عليهم إلا مثل ما يأكل أوساطهم.

قال أبو جعفر: وقد حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق بنحو من حديث سيف هذا، عن رجاله في توجيه عمر المثنى وأبا عبيد ابن مسعود إلى العراق في حرب من بها من الكفار وحروبهم، ومن حاربهم بها، غير أنه قال: لما هزم جالنوس وأصحابه، ودخل أبو عبيد بَارُوسْمَا، نزل هو وأصحابه قرية من قراها، فاشتملت عليهم، فصنع لأبي عبيد طعام فأتي به، فلما رآه قال: ما أنا بالذي آكل هذا دون المسلمين! فقالوا له: كل فإنه ليس من أصحابك أحد إلا وهو يؤتى في منزله بمثل هذا أو أفضل، فأكل فلما رجعوا إليه سألهم عن طعامهم، فأخبروه بما جاءهم من الطعام.

كتب إلي السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، عن محمد وطلحه وزياده بِإِسْنَادِهِمْ، قَالُوا: وَقَدْ كَانَ جَابَانُ وَنَرْسِيٌّ اسْتَمَدَّا بورانَ، فَأَمَدَّتْهُمَا بِالْجَالِنُوسِ فِي جُنْدِ جَابَانَ، وَأُمِرَ أَنْ يَبْدَأَ بِنَرْسِيٍّ، ثُمَّ يُقَاتِلُ أَبَا عُبَيْدٍ بَعْدُ، فَبَادَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فَنَهَضَ فِي جُنْدِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْنُوَ، فَلَمَّا دَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>