اسْتَقْبَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فَنَزَلَ الْجَالِنُوسُ بِبَاقُسْيَاثَا مِنْ بَارُوسْمَا، فَنَهَدَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ عَلَى تَعْبِيَتِهِ، فَالْتَقَوْا عَلَى بَاقُسْيَاثَا، فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَهَرَبَ الْجَالِنُوسُ، وَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدٍ، قَدْ غَلَبَ عَلَى تِلْكَ الْبِلادِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بن يحيى، عن شعيب، عن سيف، عن النَّضْرِ بْنِ السَّرِيِّ وَالْمُجَالِدِ بِنَحْوٍ مِنْ وَقْعَةِ بَاقُسْيَاثَا.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَمُجَالِدٍ وَزِيَادٍ وَالنَّضْرِ بِإِسْنَادِهِمْ، قَالُوا: أَتَاهُ أُولَئِكَ الدَّهَّاقِينُ الْمُتَرَبِّصُونَ جَمِيعًا بِمَا وَسِعَ الْجُنْدُ، وَهَابُوا وَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا النَّضْرُ وَمُجَالِدٌ فَإِنَّهُمَا قَالا:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَلَمْ أُعْلِمْكُمْ أَنِّي لَسْتُ آكِلا إِلا مَا يَسَعُ مَنْ مَعِي مِمَّنْ أَصَبْتُمْ بِهِمْ! قَالُوا: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ أَتَى بِشَبْعِهِ مِنْ هَذَا فِي رِحَالِهِمْ وَأَفْضَلَ.
فَلَمَّا رَاحَ النَّاسُ عَلَيْهِ سَأَلَهُمْ عَنْ قَرَى أَهْلِ الأَرْضِ فَأَخْبَرُوهُ، وَإِنَّمَا كَانُوا قَصَرُوا أَوَّلا تَرَبُّصًا وَمَخَافَةَ عُقُوبَةِ أَهْلِ فَارِسَ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ وَطَلْحَةُ وَزِيَادٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: فَلَمَّا عَلِمَ قَبِلَ مِنْهُمْ، وَأَكَلَ وَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمٍ كَانُوا يَأْكُلُونَ مَعَهُ أَضْيَافًا عَلَيْهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الطَّعَامِ، وَقَدْ أَصَابُوا مَنْ نَزَلَ فَارِسَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُمْ أَتَوْا أَبَا عُبَيْدٍ بِشَيْءٍ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ إِلَى مِثْلِ مَا كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنْ غَلِيظِ عَيْشِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَرِهُوا تَرْكَ مَا أُتُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا لَهُ: قُلْ لِلأَمِيرِ، إِنَّا لا نَشْتَهِي شَيْئًا مَعَ شَيْءٍ أَتَتْنَا بِهِ الدَّهَّاقِينُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: إِنَّهُ طَعَامٌ كَثِيرٌ مِنْ أَطْعِمَةِ الأَعَاجِمِ، لِتَنْظُرُوا أَيْنَ هُوَ مِمَّا أَتَيْتُمْ بِهِ! إِنَّهُ قرو ونجم وجوزل وشواء وخردل، فَقَالَ فِي ذَلِكَ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو وَأَضْيَافِهِ عِنْدَهُ:
إِنْ تَكُ ذَا قرو وَنَجمٍ وَجَوْزَلٍ ... فَعِنْدَ ابْنِ فَرُّوخَ شِوَاءٌ وَخَرْدَلُ
وَقَروٌ رِقَاقٌ كَالصَّحَائِفِ طُوِّيَتْ ... عَلَى مُزَعٍ فِيهَا بقولٌ وَجَوْزَلٌ
وَقَالَ أَيْضًا:
صَبَحْنَا بِالبقايسِ رَهْطَ كِسْرَى ... صَبُوحًا لَيْسَ مِنْ خَمْرِ السَّوَادِ
صَبَحْنَاهُمْ بِكُلِّ فَتًى كَمِيٍّ ... وَأَجْرَدَ سَابِحٍ مِنْ خيل عاد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute