للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنُّشَّابِ، وَعَضَّ الْمُسْلِمِينَ الأَلَمُ، وَجَعَلُوا لا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ، فَتَرَجَّلَ أَبُو عُبَيْدٍ وَتَرَجَّلَ النَّاسُ، ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِمْ فَصَافَحُوهُمْ بِالسُّيُوفِ، فَجَعَلَتِ الْفِيَلَةُ لا تَحْمِلُ عَلَى جَمَاعَةٍ إِلا دَفَعَتْهُمْ، فَنَادَى أَبُو عُبَيْدٍ: احْتَوِشُوا الْفِيلَةَ، وَقَطِّعُوا بَطْنَهَا وَاقْلِبُوا عَنْهَا أَهْلَهَا، وَوَاثَبَ هُوَ الْفِيلَ الأَبْيَضَ، فَتَعَلَّقَ بِبِطَانِهِ فَقَطَعَهُ، وَوَقَعَ الَّذِينَ عَلَيْهِ، وَفَعَلَ الْقَوْمُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَمَا تَرَكُوا فِيلا إِلا حَطُّوا رَحْلَهُ، وَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ، وَأَهْوَى الْفِيلُ لأَبِي عُبَيْدٍ، فَنَفَحَ مِشْفَرَهُ بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ الْفِيلُ بِيَدِهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ يَتَجَرْثَمُهُ، فَأَصَابَهُ بِيَدِهِ فَوَقَعَ فَخَبَطَهُ الْفِيلُ، وَقَامَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَصرَ النَّاسُ بِأَبِي عُبَيْدٍ تَحْتَ الْفِيلِ، خَشَعَتْ أَنْفُسُ بَعْضِهِمْ، وَأَخَذَ اللِّوَاءَ الَّذِي كَانَ أَمَّرَهُ بَعْدَهُ، فَقَاتَلَ الْفِيلَ حَتَّى تَنَحَّى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، فَاجْتَرَّهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْرَزُوا شِلْوَهُ، وَتَجَرْثَمَ الْفِيل فَاتَّقَاهُ الْفِيلُ بِيَدِهِ، دَأْبَ أَبِي عُبَيْدٍ وَخَبَطَهُ الْفِيلُ وَقَامَ عَلَيْهِ وَتَتَابَعَ سَبْعَةٌ مِنْ ثَقِيفٍ، كُلُّهُمْ يَأْخُذُ اللِّوَاءَ فَيُقَاتِلُ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ الْمُثَنَّى، وَهَرَبَ النَّاسُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْثَدٍ الثَّقَفِيُّ مَا لَقِيَ أَبُو عُبَيْدٍ وَخُلَفَاؤُهُ وَمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، بَادَرَهُمْ إِلَى الْجِسْرِ فَقَطَعَهُ، وَقَالَ: يا ايها النَّاسُ، مُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أُمَرَاؤُكُمْ أَوْ تَظْفُرُوا وَحَازَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْجِسْرِ، وَخَشَعَ نَاسٌ فَتَوَاثَبُوا فِي الْفُرَاتِ، فَغَرِقَ مَنْ لَمْ يَصْبِرْ وَأَسْرَعُوا فِيمَنْ صَبَرَ، وَحَمَى الْمُثَنَّى وفرسان من المسلمين الناس، ونادى: يا ايها النَّاسُ، إِنَّا دُونَكُمْ فَاعْبُرُوا عَلَى هَيِّنَتِكُمْ وَلا تَدْهَشُوا، فَإِنَّا لَنْ نُزَايِلَ حَتَّى نَرَاكُمْ مِنْ ذلك الجانب، ولا تغرقوا انفسكم.

فوجدوا الْجِسْرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْثَدٍ قَائِمٌ عَلَيْهِ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْعُبُورِ، فَأَخَذُوهُ فَأَتَوْا بِهِ الْمُثَنَّى، فَضَرَبَهُ وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟ قَالَ: لِيُقَاتِلُوا، وَنَادَى مِنْ عَبَرَ فَجَاءُوا بِعُلُوجٍ، فَضُمُّوا إِلَى السَّفِينَةِ الَّتِي قُطِعَتْ سَفَائِنُهَا، وَعَبَرَ النَّاسُ، وَكَانَ آخِرُ مَنْ قُتِلَ عِنْدَ الْجِسْرِ سُلَيْطُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَبَرَ الْمُثَنَّى وَحَمَى جَانِبَهُ، فَاضْطَرَبَ عَسْكَرُهُ، وَرَامَهُمْ ذُو الْحَاجِبِ فَلَمْ يقدر عليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>