للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا دَعَاكَ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَنَرْجِعُ إِلَى أَرْضِنَا، وَتَرْجِعُ إِلَى أَرْضِكَ وَبَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ، إِلا أَنَّ دَارَكُمْ لَكُمْ، وَأَمْرَكُمْ فِيكُمْ، وَمَا أَصَبْتُمْ مِمَّا وَرَاءَكُمْ كَانَ زِيَادَةً لَكُمْ دُونَنَا، وَكُنَّا لَكُمْ عَوْنًا عَلَى أَحَدٍ إِنْ أَرَادَكُمْ أَوْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ وَاتَّقِ اللَّهَ يَا رُسْتُمُ، وَلا يَكُونَنَّ هَلاكُ قَوْمِكَ عَلَى يَدَيْكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَنْ تغبط بِهِ إِلا أَنْ تَدْخُلَ فِيهِ وَتَطْرُدُ بِهِ الشَّيْطَانَ عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ كَلَّمْتُ مِنْكُمْ نَفَرًا، وَلَوْ أَنَّهُمْ فَهِمُوا عَنِّي رَجَوْتُ أَنْ تَكُونُوا قَدْ فَهِمْتُمْ، وَإِنَّ الأَمْثَالَ أَوْضَحُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْكَلامِ، وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلَكُمْ تُبْصِرُوا أَنَّكُمْ كُنْتُمْ أَهْلَ جَهْدٍ فِي الْمَعِيشَةِ، وَقَشَفٍ فِي الْهَيْئَةِ، لا تَمْتَنِعُونَ وَلا تَنْتَصِفُونَ، فَلَمْ نُسِئْ جِوَارَكُمْ، وَلَمْ نَدَعْ مُوَاسَاتَكُمْ، تُقْحَمُونَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، فَنُمِيرُكُمْ ثُمَّ نَرُدُّكُمْ، وَتَأْتُونَنَا أَجْرَاءً وَتُجَّارًا، فَنُحْسِنُ إِلَيْكُمْ، فلما تَطَاعَمْتُمْ بِطَعَامِنَا، وَشَرِبْتُمْ شَرَابَنَا، وَأَظَلَّكُمْ ظِلُّنَا، وَصَفْتُمْ لِقَوْمِكُمْ، فَدَعَوْتُمُوهُمْ، ثُمَّ أَتَيْتُمُونَا بِهِمْ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ فِي ذَلِكَ وَمَثَلُنَا كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ كَرْمٌ، فَرَأَى فِيهِ ثَعْلَبًا، فَقَالَ: وَمَا ثَعْلَبُ! فَانْطَلَقَ الثَّعْلَبُ، فَدَعَا الثَّعَالِبَ إِلَى ذَلِكَ الْكَرْمِ، فَلَمَّا اجْتَمَعْنَ عَلَيْهِ سَدَّ عَلَيْهِنَّ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْجُحْرَ الَّذِي كُنَّ يَدْخُلْنَ مِنْهُ، فَقَتَلَهُنَّ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِي حَمَلَكُمْ عَلَى هَذَا الْحِرْصُ وَالطَّمَعُ وَالْجهْدُ، فَارْجِعُوا عَنَّا عَامَكُمْ هَذَا، وَامْتَارُوا حَاجَتَكُمْ، وَلَكُمُ الْعَوْدُ كُلَّمَا احْتَجْتُمْ، فَإِنِّي لا أَشْتَهِي أَنْ أَقْتُلَكُمْ.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن عمارة بْن القعقاع الضبي، عن رجل من يربوع شهدها، قال: وقال وقد أصاب أناس كثير منكم من أرضنا ما أرادوا، ثم كان مصيرهم القتل والهرب، ومن سن هذا لكم خير منكم وأقوى، وقد رأيتم أنتم كلما أصابوا شيئا أصيب بعضهم ونجا بعضهم، وخرج مما كان أصاب، ومن أمثالكم فيما تصنعون مثل جرذان ألفت جرة فيها حب، وفي الجرة ثقب، فدخل الأول فأقام فيها، وجعل الأخر ينقلن منها ويرجعن ويكلمنه في الرجوع، فيأبى فانتهى سمن الذي في الجرة، فاشتاق إلى أهله ليريهم حسن حاله،

<<  <  ج: ص:  >  >>