عُرْفُطَةَ حَلِيفَ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وجعل على ميمنه الناس جرير ابن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ، وَجَعَلَ عَلَى مَيْسَرَتِهِمْ قَيْسَ بْنَ الْمَكْشُوحِ الْمُرَادِيَّ.
ثُمَّ زَحَفَ إِلَيْهِمْ رُسْتُمُ، وَزَحَفَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَمَا عَامة جننهم- فِيمَا حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله ابن أَبِي بَكْرٍ- غير بَرَاذِعِ الرِّحَالِ، قَدْ عَرَضُوا فِيهَا الْجَرِيدَ، يَتْرُسُونَ بِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَا عَامَّةُ مَا وَضَعُوهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ إِلا أَنْسَاعُ الرِّحَالِ، يَطْوِي الرَّجُلُ نِسْعَ رَحْلِهِ عَلَى رَأْسِهِ يَتَّقِي بِهِ، وَالْفُرْسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْحَدِيدِ وَالْيَلامِقِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، وَسَعْدٌ فِي الْقَصْرِ يَنْظُرُ، مَعَهُ سَلْمَى بِنْتُ خَصَفَةَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ، فَجَالَتِ الْخَيْلُ، فَرُعِبَتْ سلمى حين رات الخيل جالت، فقالت: وا مثنياه وَلا مُثَنَّى لِي الْيَوْمَ! فَغَارَ سَعْدٌ فَلَطَمَ وَجْهَهَا، فَقَالَتْ:
أَغَيْرَةً وَجُبْنًا! فَلَمَّا رَأَى أَبُو مِحْجَنٍ مَا تَصْنَعُ الْخَيْلُ حِينَ جَالَتْ، وَهُوَ يَنْظُرُ مِنْ قَصْرِ الْعُذَيْبِ وَكَانَ مَعَ سَعْدٍ فِيهِ، قَالَ:
كَفَى حُزْنًا أَنْ تُرْدِيَ الْخَيْلُ بالقنا ... وأترك مشدودا علي وثاقيا
إذا قمت عناني الحديد واغلقت ... مصاريع دوني لا نجيب المناديا
وقد كنت ذا مال كثير وإخوة ... فقد تركونى واحدا لا اخاليا
فَكَلَّمَ زَبْرَاءَ أُمَّ وَلَدِ سَعْدٍ- وَكَانَ عِنْدَهَا مَحْبُوسًا، وَسَعْدٌ فِي رَأْسِ الْحِصْنِ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ- فَقَالَ: يَا زَبْرَاءُ، أَطْلِقِينِي وَلَكِ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، لَئِنْ لَمْ أُقْتَلْ لأَرْجِعَنَّ إِلَيْكِ حَتَّى تَجْعَلِي الْحَدِيدَ فِي رِجْلِي، فَأَطْلَقَتْهُ وَحَمَلَتْهُ عَلَى فَرَسٍ لِسَعْدٍ بَلْقَاءَ وَخَلَّتْ سَبِيلَهُ، فَجَعَلَ يَشُدُّ عَلَى الْعَدُوِّ وَسَعْدٌ يَنْظُرُ فَجَعَلَ سَعْدٌ يَعْرِفُ فَرَسَهُ وَيَنْكِرُهَا، فَلَمَّا أَنْ فَرَغُوا مِنَ الْقِتَالِ، وَهَزَمَ اللَّهُ جُمُوعَ فَارِسَ، رَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ إِلَى زَبْرَاءَ، فَأَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي قَيْدِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ سَعْدٌ مِنْ رَأْسِ الْحِصْنِ رَأَى فَرَسَهُ تَعْرَقُ، فَعَرَفَ أَنَّهَا قَدْ رُكِبَتْ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ زَبْرَاءَ، فَأَخْبَرَتْهُ خَبَرَ أَبِي مِحْجَنٍ فَخَلَّى سَبِيلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute