إليهم ألا يغلوا فخرج طليحة بْن خويلد وعمرو بْن أبي سلمى العنزي، وعمرو بْن معد يكرب الزبيدي، فلما ساروا يوما إلى الليل رجع عمرو بْن أبي سلمى، فقالوا: ما رجعك؟ قال: كنت في أرض العجم، وقتلت أرض جاهلها، وقتل أرضا عالمها ومضى طليحة وعمرو حتى إذا كان من آخر الليل رجع عمرو، فقالوا: ما رجعك؟ قال: سرنا يوما وليلة، ولم نر شيئا، وخفت أن يؤخذ علينا الطريق ونفذ طليحة ولم يحفل بهما فقال الناس: ارتد الثانية، ومضى طليحة حتى انتهى إلى نهاوند، وبين الطزر ونهاوند بضعة وعشرون فرسخا فعلم علم القوم، واطلع على الأخبار، ثم رجع حتى إذا انتهى إلى الجمهور كبر الناس، فقال: ما شأن الناس؟ فأخبروه بالذي خافوا عليه، فقال: والله لو لم يكن دين إلا العربية ما كنت لأجزر العجم الطماطم هذه العرب العاربة فأتى النعمان فدخل عليه، فأخبروه الخبر، وأعلمه أنه ليس بينه وبين نهاوند شيء يكرهه، ولا أحد.
فنادى عند ذلك النعمان بالرحيل، فأمرهم بالتعبية وبعث إلى مجاشع بْن مسعود أن يسوق الناس، وسار النعمان على تعبيته، وعلى مقدمته نعيم بْن مقرن، وعلى مجنبتيه حذيفة بْن اليمان وسويد بْن مقرن، وعلى المجردة القعقاع ابن عمرو، وعلى الساقة مجاشع، وقد توافى إليه أمداد المدينة، فيهم المغيرة وعبد اللَّه، فانتهوا الى الاسبيذهان والقوم وقوف دون واى خرد على تعبيتهم وأميرهم الفيرزان، وعلى مجنبتيه الزردق وبهمن جاذويه الذي جعل مكان ذي الحاجب، وقد توافى إليهم بنهاوند كل من غاب عن القادسية والأيام من أهل الثغور وأمرائها وأعلام من أعلامهم ليسوا بدون من شهد الأيام والقوادس، وعلى خيولهم أنوشق فلما رآهم النعمان كبر وكبر الناس معه