فتزلزلت الأعاجم، فأمر النعمان وهو واقف بحط الأثقال، وبضرب الفسطاط، فضرب وهو واقف، فابتدره اشراف اهل الكوفه وأعيانهم، فسبق اليه يومئذ عده من اشراف اهل الكوفه تسابقوا فبنوا له فسطاطا سابقوا أكفاءهم فسبقوهم، وهم أربعة عشر، منهم حذيفة بْن اليمان، وعقبة بْن عمرو، والمغيرة بْن شعبة، وبشير بْن الخصاصية، وحنظلة الكاتب بْن الربيع، وابن الهوبر، وربعي بْن عامر، وعامر بْن مطر، وجرير بْن عبد اللَّه الحميري، والأقرع بْن عبد اللَّه الحميري وجرير بْن عبد اللَّه البجلي، والأشعث بْن قيس الكندي، وسعيد بْن قيس الهمداني، ووائل بْن حجر، فلم ير بناء فسطاط بالعراق كهؤلاء وانشب النعمان بعد ما حط الأثقال القتال، فاقتتلوا يوم الأربعاء ويوم الخميس، والحرب بينهم في ذاك سجال في سبع سنين من إمارة عمر، في سنة تسع عشرة، وإنهم انجحروا في خنادقهم يوم الجمعة، وحصرهم المسلمون، فأقاموا عليهم ما شاء اللَّه والأعاجم بالخيار، لا يخرجون إلا إذا أرادوا الخروج، فاشتد ذلك على المسلمين، وخافوا ان يطول امرهم وسرهم ان يناجزهم عدوهم، حتى إذا كان ذات يوم في جمعة من الجمع تجمع أهل الرأي من المسلمين، فتكلموا، وقالوا: نراهم علينا بالخيار وأتوا النعمان في ذلك فأخبروه، فوافقوه وهو يروي في الذي رووا فيه فقال: على رسلكم، لا تبرحوا! وبعث إلى من بقي من أهل النجدات والرأي في الحروب، فتوافوا إليه، فتكلم النعمان، فقال:
قد ترون المشركين واعتصامهم بالحصون من الخنادق والمدائن، وأنهم لا يخرجون إلا إذا شاءوا، ولا يقدر المسلمون على إنغاضهم وانبعاثهم قبل مشيئتهم، وقد ترون الذي فيه المسلمون من التضايق بالذي هم فيه وعليه من الخيار عليهم في الخروج، فما الرأي الذي به نحمشهم ونستخرجهم إلى