للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليتأهب للنهوض، فإذا كبرت الثالثة، فإني حامل إن شاء اللَّه فاحملوا معا اللهم أعز دينك، وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك! فلما فرغ النعمان من التقدم إلى أهل المواقف، وقضى إليهم أمره، رجع إلى موقفه، فكبر الأولى والثانية والثالثة، والناس سامعون مطيعون مستعدون للمناهضة، ينحي بعضهم بعضا عن سننهم، وحمل النعمان وحمل الناس، وراية النعمان تنقض نحوهم انقضاض العقاب، والنعمان معلم ببياض القباء والقلنسوة، فاقتتلوا بالسيوف قتالا شديدا لم يسمع السامعون بوقعه يوم قط كانت أشد قتالا منها، فقتلوا فيها من أهل فارس فيما بين الزوال والإعتام ما طبق أرض المعركة دما يزلق الناس والدواب فيه، وأصيب فرسان من فرسان المسلمين في الزلق في الدماء، فزلق فرس النعمان في الدماء فصرعه، وأصيب النعمان حين زلق به فرسه، وصرع وتناول الراية نعيم بْن مقرن قبل أن تقع، وسجى النعمان بثوب، وأتى حذيفة بالراية فدفعها إليه، وكان اللواء مع حذيفة، فجعل حذيفة نعيم بْن مقرن مكانه، وأتى المكان الذي كان فيه النعمان فأقام اللواء، وقال له المغيرة: اكتموا مصاب أميركم حتى ننظر ما يصنع اللَّه فينا وفيهم، لكيلا يهن الناس، واقتتلوا حتى إذا أظلهم الليل انكشف المشركون وذهبوا، والمسلمون ملظون بهم متلبسون، فعمي عليهم قصدهم، فتركوه وأخذوا نحو اللهب الذي كانوا نزلوا دونه بإسبيذهان، فوقعوا فيه، وجعلوا لا يهوي منهم أحد إلا قال: وايه خرد، فسمي بذلك وايه خرد إلى اليوم، فمات فيه منهم مائة ألف أو يزيدون، سوى من قتل في المعركة منهم اعدادهم لم يفلت إلا الشريد، ونجا الفيرزان بين الصرعى في المعركة، فهرب نحو همدان في ذلك الشريد، فأتبعه نعيم بْن مقرن، وقدم القعقاع قدامه فأدركه حين انتهى إلى ثنية همدان، والثنية مشحونة من بغال وحمير موقرة عسلا، فحبسه الدواب

<<  <  ج: ص:  >  >>