قالوا: ولما بلغ عمر موت سراقة واستخلافه عبد الرحمن بْن ربيعة أقر عبد الرحمن على فرج الباب، وأمره بغزو الترك، فخرج عبد الرحمن بالناس حتى قطع الباب، فقال له شهربراز: ما تريد أن تصنع؟ قال: أريد بلنجر، قال: إنا لنرضى منهم أن يدعونا من دون الباب قال: لكنا لا نرضى منهم بذلك حتى نأتيهم في ديارهم، وتالله إن معنا لأقواما لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لبلغت بهم الردم قال: وما هم؟ قال: أقوام صحبوا رسول اللَّه ص ودخلوا في هذا الأمر بنية، كانوا أصحاب حياء وتكرم في الجاهلية، فازداد حياؤهم وتكرمهم، فلا يزال هذا الأمر دائما لهم، ولا يزال النصر معهم حتى يغيرهم من يغلبهم، وحتى يلفتوا عن حالهم بمن غيرهم فغزا بلنجر غزاة في زمن عمر لم تئم فيها امرأة، ولم ييتم فيها صبي، وبلغ خيله في غزاتها البيضاء على رأس مائتي فرسخ من بلنجر، ثم غزا فسلم، ثم غزا غزوات في زمان عثمان، وأصيب عبد الرحمن حين تبدل أهل الكوفة في إمارة عثمان لاستعماله من كان ارتد استصلاحا لهم، فلم يصلحهم ذلك، وزادهم فسادا أن سادهم من طلب الدنيا، وعضلوا بعثمان حتى جعل يتمثل:
وكنت وعمرا كالمسمن كلبه ... فخدشه أنيابه وأظافره
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن الغصن بن القاسم، عن رجل، عن سلمان بْن ربيعة، قال: لما دخل عليهم عبد الرحمن بْن ربيعة حال اللَّه بين الترك والخروج عليه، وقالوا: ما اجترأ علينا هذا الرجل الا ومعه الملائكة تمنعه من الموت، فتحصنوا منه وهربوا، فرجع بالغنم والظفر، وذلك في إمارة عمر، ثم إنه غزاهم غزوات في زمن عثمان، ظفر كما كان يظفر، حتى إذا تبدل أهل الكوفة لاستعمال عثمان من كان ارتد فغزاهم بعد ذلك، تذامرت الترك وقال بعضهم لبعض: إنهم لا يموتون، قال: انظروا، وفعلوا فاختفوا لهم في الغياض، فرمى رجل منهم رجلا من