المسلمين على غرة فقتله، وهرب عنه أصحابه، فخرجوا عليه عند ذلك، فاقتتلوا فاشتد قتالهم، ونادى مناد من الجو: صبرا آل عبد الرحمن وموعدكم الجنة! فقاتل عبد الرحمن حتى قتل، وانكشف الناس، وأخذ الراية سلمان بْن ربيعة، فقاتل بها، ونادى المنادي من الجو: صبرا آل سلمان ابن ربيعة! فقال سلمان: أو ترى جزعا! ثم خرج بالناس، وخرج سلمان وأبو هريرة الدوسي على جيلان، فقطعوها إلى جرجان، واجترأ الترك بعدها ولم يمنعهم ذلك من اتخاذ جسد عبد الرحمن، فهم يستسقون به حتى الآن.
وحدث عمرو بْن معد يكرب عن مطر بْن ثلج التميمي، قال: دخلت على عبد الرحمن بْن ربيعة بالباب وشهربراز عنده، فأقبل رجل عليه شحوبة، حتى دخل على عبد الرحمن، فجلس إلى شهربراز، وعلى مطر قباء برود يمينية، أرضه حمراء، ووشيه أسود- أو وشيه أحمر- وأرضه سوداء، فتساءلا.
ثم إن شهربراز، قال: أيها الأمير، أتدري من أين جاء هذا الرجل؟
هذا الرجل بعثته منذ سنين نحو السد لينظر ما حاله ومن دونه، وزودته مالا عظيما، وكتبت له إلى من يليني، وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه، وزودته لكل ملك هدية، ففعل ذلك بكل ملك بينه وبينه، حتى انتهى إليه، فانتهى إلى الملك الذي السد في ظهر أرضه، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد، فأتاه فبعث معه بازياره ومعه عقابه، فأعطاه حريرة، قال: فتشكر لي البازيار، فلما انتهينا فإذا جبلان بينهما سد مسدود، حتى ارتفع على الجبلين بعد ما استوى بهما، وإذا دون السد خندق أشد سوادا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله، وتفرست فيه، ثم ذهبت لأنصرف، فقال لي البازيار: على رسلك أكافك! إنه لا يلي ملك بعد ملك إلا تقرب إلى اللَّه بأفضل ما عنده من الدنيا، فيرمي به في هذا اللهب، فشرح بضعة لحم معه، فألقاها في ذلك الهواء، وانقضت عليها العقاب، وقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، وإن لم تدركها حتى تقع فذلك شيء، فخرجت علينا العقاب باللحم في مخالبها، وإذا فيه ياقوتة، فأعطانيها،