للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَزَالُونِي مَا دَامُوا عَلَى مَا وَصَفَ، فَسَالِمْهُمْ وارض منهم بالمساكنه، ولا تهجم مَا لَمْ يُهِيجُوكَ وَأَقَامَ يَزْدَجَرْدُ وَآلُ كِسْرَى بِفَرْغَانَةَ، مَعَهُمْ عَهْدٌ مِنْ خَاقَانَ وَلَمَّا وَقَعَ الرَّسُولُ بِالْفَتْحِ وَالْوَفْدُ بِالْخَبَرِ وَمَعَهُمُ الْغَنَائِمُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ قِبَلِ الأَحْنَفِ، جَمَعَ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ، وَأَمَرَ بِكِتَابِ الْفَتْحِ فَقُرِئَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ رسوله ص وَمَا بَعَثَهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى، وَوَعَدَ عَلَى أَتْبَاعِهِ مِنْ عَاجِلِ الثَّوَابِ وَآجِلِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَقَالَ: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*» ، فالحمد الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ جُنْدَهُ أَلا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مُلْكَ الْمَجُوسِيَّةِ، وَفَرَّقَ شَمْلَهُمْ، فَلَيْسُوا يَمْلِكُونَ مِنْ بِلادِهِمْ شِبْرًا يَضُرُّ بِمُسْلِمٍ أَلا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ! أَلا وَإِنَّ الْمِصْرَيْنِ مِنْ مَسَالِحِهَا الْيَوْمَ كَأَنْتُمْ وَالْمِصْرَيْنِ فِيمَا مَضَى مِنَ الْبُعْدِ، وَقَدْ وَغَلُوا فِي الْبِلادِ، وَاللَّهُ بَالِغٌ أَمْرَهُ، وَمُنْجِزٌ وَعْدَهُ، وَمُتْبِعٌ آخِرَ ذَلِكَ أَوَّلَهُ، فَقُومُوا فِي أَمْرِهِ عَلَى رَجُلٍ يُوفِ لَكُمْ بِعَهْدِهِ، وَيُؤْتِكُمْ وَعْدَهُ، وَلا تَبَدَّلُوا وَلا تُغَيِّرُوا، فَيَسْتَبْدِلَ اللَّهُ بِكُمْ غَيْرَكُمْ، فَإِنِّي لا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ تُؤْتَى إِلا مِنْ قِبَلَكُمْ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ إِنْ أَدَّانِي أَهْلُ خُرَاسَانَ وَأَقَاصِيهِ اعْتَرَضُوا زَمَانَ عثمان ابن عَفَّانَ لِسَنَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ إِمَارَتِهِ، وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ خَبَرِ انْتِقَاضِهِمْ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ مَقْتَلِ يَزْدَجَرْدَ.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ عُمَّالُهُ عَلَى الأَمْصَارِ فِيهَا عُمَّالَهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَيْهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ غَيْرَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَإِنَّ عَامِلَهُ عَلَى الْكُوفَةِ وَعَلَى الأَحْدَاثِ كَانَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَعَلَى الْبَصْرَةِ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>