للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَتْحِ خَاقَانَ وَيَزْدَجَرْدَ إِلَى عُمَرَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالأَخْمَاسِ، وَوَفَدَ إِلَيْهِ الْوُفُودُ.

قَالُوا: وَلَمَّا عَبَرَ خَاقَانُ النَّهْرَ، وَعَبَرَتْ مَعَهُ حَاشِيَةُ آلِ كِسْرَى، أَوْ مَنْ أَخَذَ نَحْوَ بَلْخَ مِنْهُمْ مَعَ يَزْدَجَرْدَ، لَقُوا رَسُولَ يَزْدَجَرْدَ الَّذِي كَانَ بُعِثَ الى ملك الصين، واهدى اليه معه هدايا، وَمَعَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ مِنْ مَلِكِ الصِّينِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا وَرَاءَهُ، فَقَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَالْهَدَايَا كَافَأْنَا بِمَا تَرَوْنَ- وَأَرَاهُمْ هَدِيَّتَهُ وَأَجَابَ يَزْدَجَرْدُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِهَذَا الْكِتَابِ بَعْدَ مَا كَانَ قَالَ لِي: قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ حَقًّا عَلَى الْمُلُوكِ إِنْجَادُ الْمُلُوكِ عَلَى مَنْ غَلَبَهُمْ، فَصِفْ لِي صِفَةَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكَ تَذْكُرُ قِلَّةً مِنْهُمْ وَكَثْرَةً مِنْكُمْ، وَلا يَبْلُغُ أَمْثَالُ هَؤُلاءِ الْقَلِيلِ الَّذِينَ تَصِفُ مِنْكُمْ فِيمَا أَسْمَعُ مِنْ كَثْرَتِكُمْ إِلا بِخَيْرٍ عِنْدَهُمْ وَشَرٍّ فِيكُمْ، فَقُلْتُ: سَلْنِي عَمَّا أَحْبَبْتَ، فَقَالَ: أَيُوفُونَ بِالْعَهْدِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ؟ قُلْتُ: يَدْعُونَنَا إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلاثٍ: إِمَّا دِينُهُمْ فَإِنْ أَجَبْنَاهُمْ أَجْرُونَا مُجْرَاهُمْ، أَوِ الْجِزْيَةُ وَالْمَنَعَةُ، أَوِ الْمُنَابَذَةُ قَالَ: فَكَيْفَ طَاعَتُهُمْ أُمَرَاءَهُمْ؟ قُلْتُ: أَطْوَعُ قَوْمٍ لِمُرْشِدِهِمْ، قَالَ: فَمَا يُحِلُّونَ وَمَا يُحَرِّمُونَ؟

فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَيُحَرِّمُونَ مَا حُلِّلَ لَهُمْ، أَوْ يُحِلُّونَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قُلْتُ لا، قَالَ: فَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَهْلِكُونَ أَبَدًا حَتَّى يُحِلُّوا حَرَامَهُمْ وَيُحَرِّمُوا حَلالَهُمْ ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ لِبَاسِهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَعَنْ مَطَايَاهُمْ، فَقُلْتُ:

الْخَيْلُ الْعِرَابُ- وَوَصَفْتُهَا- فَقَالَ: نِعْمَتِ الْحُصُونُ هَذِهِ! وَوَصَفْتُ لَهُ الإِبِلَ وَبُرُوكَهَا وَانْبِعَاثَهَا بِحَمْلِهَا، فَقَالَ: هَذِهِ صِفَةُ دَوَابٍّ طِوَالِ الأَعْنَاقِ.

وَكَتَبَ معه الى يزدجرد كتابا: أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْكَ بِجَيْشٍ أَوَّلُهُ بِمَرْوَ وَآخِرُهُ بِالصِّينِ الْجَهَالَةُ بِمَا يَحِقُّ عَلَيَّ، وَلَكِنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ وَصَفَ لِي رَسُولُكَ صِفَتَهُمْ لَوْ يُحَاوِلُونَ الْجِبَالَ لَهَدُّوَها، وَلَوْ خلى سربهم

<<  <  ج: ص:  >  >>