للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا عَلِيٌّ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى خَالِي وَهُوَ فِي الْقِبْلَةِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَانْصَرَفَ لَمَّا رَآنَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ:

إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ عَنْكُمَا وَعَنْ غَيْرِكُمَا، فَلَمْ أَجِدِ النَّاسَ يَعْدِلُونَ بِكُمَا، هَلْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ [فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا، وَلَكِنْ عَلَى جَهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي] فَالْتَفَتَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى كَتِفَيْهِ، وَقَالَ: إِذًا شِئْتُمَا! فَنَهَضْنَا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، وَصَاحَ صَائِحٌ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ- قَالَ عُثْمَانُ: فَتَأَخَّرْتُ وَاللَّهِ حَيَاءً لِمَا رَأَيْتُ مِنْ إِسْرَاعِهِ إِلَى عَلِيٍّ، فَكُنْتُ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ- قَالَ: وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَلَيْهِ عِمَامَتُهُ الَّتِي عَمَّمَهُ بِهَا رسول الله ص، مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، حَتَّى رَكِبَ الْمِنْبَرَ، فَوَقَفَ وُقُوفًا طَوِيلا، ثُمَّ دَعَا بِمَا لَمْ يَسْمَعْهُ النَّاسُ.

ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ سَأَلْتُكُمْ سِرًّا وَجَهْرًا عَنْ إِمَامِكُمْ، فَلَمْ أَجِدْكُمْ تَعْدِلُونَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: إِمَّا عَلِيٌّ وَإِمَّا عُثْمَانُ، فَقُمْ إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ، فَوَقَفَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، فَأَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ:

اللَّهُمَّ لا، وَلَكِنْ عَلَى جَهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي، قَالَ: فَأَرْسَلَ يَدَهُ ثُمَّ نَادَى:

قُمْ إِلَيَّ يَا عُثْمَانُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ- وَهُوَ فِي مَوْقِفِ عَلِيٍّ الَّذِي كَانَ فِيهِ- فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْمَسْجِدِ، وَيَدُهُ فِي يَدِ عُثْمَانَ، ثُمَّ قَالَ:

اللَّهُمَّ اسْمَعْ وَاشْهَدِ، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ مَا فِي رَقَبَتِي مِنْ ذَاكَ فِي رَقَبَةِ عُثْمَانَ قَالَ: وَازْدَحَمَ النَّاسُ يُبَايِعُونَ عُثْمَانَ حَتَّى غَشَوْهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَقَعَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَقْعَدَ النَّبِيِّ ص مِنَ الْمِنْبَرِ، وَأَقْعَدَ عُثْمَانَ عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ، وَتَلَكَّأَ عَلِيٌّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:

«فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» ، فَرَجَعَ عَلِيٌّ يَشُقُّ النَّاسَ، حَتَّى بَايَعَ وَهُوَ يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>