للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُدْعَةٌ وَأَيُّمَا خُدْعَةٌ! قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَإِنَّمَا سَبَبُ قَوْلِ عَلِيٍّ: خُدْعَةٌ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ قَدْ لَقِيَ عَلِيًّا فِي لَيَالِي الشُّورَى، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ رَجُلٌ مُجْتَهِدٌ، وَإِنَّهُ مَتَى أَعْطَيْتَهُ الْعَزِيمَةَ كَانَ أَزْهَدَ لَهُ فِيكَ، وَلَكِنِ الْجَهْدُ وَالطَّاقَةُ، فَإِنَّهُ أَرْغَبُ لَهُ فِيكَ قَالَ: ثُمَّ لَقِيَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ رَجُلٌ مُجْتَهِدٌ، وَلَيْسَ وَاللَّهِ يُبَايِعُكَ إِلا بِالْعَزِيمَةِ، فَاقْبَلْ، فَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: خُدْعَةٌ.

قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ بِعُثْمَانَ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، فَجَلَسَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ خَطِيبًا، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَكَ، وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهَا غَيْرُ عُثْمَانَ- وَعَلِيٌّ جَالِسٌ- فَقَالَ عَبْدُ الرحمن: يا بن الدَّبَّاغِ، مَا أَنْتَ وَذَاكَ! وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أُبَايِعُ أَحَدًا إِلا قُلْتَ فِيهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ! قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عُثْمَانُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، ودعا بعبيد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ- وَكَانَ مَحْبُوسًا فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُوَ الَّذِي نَزَعَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانَ وَابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ، وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّ رِجَالا مِمَّنْ شَرِكَ فِي دَمِ أَبِي- يُعَرِّضُ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ- فَقَامَ إِلَيْهِ سَعْدٌ، فَنَزَعَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ، وَجَذَبَ شَعْرَهُ حَتَّى أَضْجَعَهُ إِلَى الأَرْضِ، وَحَبَسَهُ فِي دَارِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ عُثْمَانُ إِلَيْهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَذَا الَّذِي فَتَقَ فِي الإِسْلامِ مَا فَتَقَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرَى أَنْ تَقْتُلَهُ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: قُتِلَ عُمَرُ أَمْسَ وَيُقْتَلُ ابْنُهُ الْيَوْمَ! فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدَثُ كَانَ وَلَكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سُلْطَانٌ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَدَثُ وَلا سُلْطَانَ لَكَ، قَالَ عُثْمَانُ: أَنَا وَلِيُّهُمْ، وَقَدْ جَعَلْتُهَا دِيَةً، وَاحْتَمَلْتُهَا فِي مَالِي.

قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْبِيَاضِيُّ إِذَا رَأَى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عمر، قال:

الا يا عبيد الله مالك مَهْرَبٌ ... وَلا مَلْجَأٌ مِنَ ابْنِ أَرْوَى وَلا خفر

<<  <  ج: ص:  >  >>