حَتَّى جعل يقسم للولائد والعبيد، وَلَقَدْ تفجع عَلَيْهِ الأحرار والمماليك، كَانَ يسمع الولائد وعليهن الحداد يقلن:
يَا ويلتا قَدْ عزل الْوَلِيد ... وجاءنا مجوعا سَعِيد
ينقص فِي الصاع وَلا يَزِيد ... فجوع الإماء والعبيد
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن الغصن بن الْقَاسِم، قَالَ: كَانَ الناس يقولون حين عزل الْوَلِيد وأمر سَعِيد:
لا يبعد الملك إذ ولت شمائله ... وَلا الرياسة لما راس كتاب
وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ بِإِسْنَادِهِمَا، قَالا: قَدِم سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فِي سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بَقِيَّةَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكَانَ أَهْلُهُ كَثِيرًا تَتَابَعُوا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الشَّامَ قَدِمَهَا، فَأَقَامَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَتِيمًا نَشَأَ فِي حِجْرِ عُثْمَانَ، فَتَذَكَّرَ عُمَرُ قُرَيْشًا، وَسَأَلَ عَنْهُ فِيمَا يَتَفَقَّدُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هُوَ بِدِمَشْقَ، عَهِدَ الْعَاهِدُ بِهِ وَهُوَ مَأْمُومٌ بِالْمَوْتِ فأرسل الى معاويه: ان ابعث لي سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فِي مَنْقِلٍ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ دَنِفٌ، فَمَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ حَتَّى افاق، فقال: يا بن أَخِي، قَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ بَلاءٌ وَصَلاحٌ، فَازْدَدْ يَزِدْكَ اللَّهُ خَيْرًا وَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ زَوْجَةٍ؟ قَالَ: لا، قَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا مَنَعَكَ مِنْ هَذَا الْغُلامِ أَنْ تَكُونَ زَوَّجْتَهُ؟ قَالَ: قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِ فَأَبَى، فَخَرَجَ يَسِيرُ فِي الْبَرِّ، فَانْتَهَى إِلَى مَاءٍ، فَلَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ، فَقُمْنَ لَهُ، فَقَالَ: مَا لَكُنَّ؟ وَمَنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: بَنَاتُ سُفْيَانَ بْنِ عُوَيْفٍ- وَمَعَهُنَّ أُمُّهُنَّ- فَقَالَتْ: أُمُّهُنَّ:
هَلَكَ رِجَالُنَا، وَإِذَا هَلَكَ الرِّجَالُ ضَاعَ النِّسَاءُ، فَضَعْهُنَّ فِي أَكْفَائِهِنَّ، فَزَوَّجَ سَعِيدًا إِحْدَاهُنَّ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ الأُخْرَى، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ الثَّالِثَةَ، وَأَتَاهُ بِنَاتُ مَسْعُودِ بْنِ نُعَيْمٍ النَّهْشَلِيِّ، فَقُلْنَ: قَدْ هَلَكَ رِجَالُنَا، وَبَقِيَ الصِّبْيَانُ، فَضَعْنَا فِي أَكْفَائِنَا، فَزَوَّجَ سَعِيدًا إِحْدَاهُنَّ، وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعَمٍ إِحْدَاهُنَّ، فَشَارَكَ سَعِيدٌ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، وَقَدْ كَانَ عُمُومُتُهُ ذَوِي بَلاءٍ فِي الإِسْلامِ، وَسَابِقَةٍ حَسَنَةٍ، وَقِدْمَةٍ مع رسول الله ص، فَلَمْ يَمُتْ عُمَرُ حَتَّى كَانَ سَعِيدٌ مِنْ رجال الناس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute