فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ اسْتَعِدُّوا وَاسْتَمْسِكُوا، فَقَدْ دَبَّتْ إِلَيْكُمُ الْفِتَنُ.
وَنَزَلَ فَأَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ، وَتَمَثَّلَ مَثَلَهُ وَمَثَلَ هَذَا الضَّرْبَ الَّذِينَ شَرَعُوا فِي الْخِلافِ:
أَبَنِي عُبَيْدٍ قَدْ أَتَى أَشْيَاعُكُمْ ... عَنْكُمْ مَقَالَتْكُمْ وَشِعْرُ الشَّاعِرِ
فَإِذَا أَتَتْكُمْ هَذِهِ فَتَلَبَّسُوا ... إِنَّ الرِّمَاحَ بَصِيرَةٌ بِالْحَاسِرِ
كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ أَرْوَى النَّاسِ لِلْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ وَالثَّلاثَةِ إِلَى الْخَمْسَةِ.
كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ لأَبِي: إِنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، إِنَّ النَّاسَ يَتَمَخَّضُونَ بِالْفِتْنَةِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لأَتَخَلَّصَنَّ لَكُمُ الَّذِي لَكُمْ حَتَّى أَنْقِلَهُ إِلَيْكُمْ إِنْ رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَهَلْ تَرَوْنَهُ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ شَهِدَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْفُتُوحَ فِيهِ، فَيُقِيمَ مَعَهُ فِي بِلادِهِ؟
فَقَامَ أُولَئِكَ، وَقَالُوا: كَيْفَ تَنْقِلُ لَنَا مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنَ الأَرْضِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
فَقَالَ: نَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ بِمَا كَانَ لَهُ بِالْحِجَازِ فَفَرِحُوا وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِمْ، فَافْتَرَقُوا وَقَدْ فَرَّجَهَا الله عنهم به وكان طلحه ابن عُبَيْدِ اللَّهِ قَدِ اسْتَجْمَعَ لَهُ عَامَّةٌ سَهْمَانِ خَيْبَرَ إِلَى مَا كَانَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ، فَاشْتَرَى طَلْحَةُ مِنْهُ مِنْ نَصِيبِ مَنْ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَالْمَدَائِنَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِمَّنْ أَقَامَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إِلَى الْعِرَاقِ النَّشَاسْتَجَ بِمَا كَانَ لَهُ بِخَيْبَرَ وَغَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الأَمْوَالِ، وَاشْتَرَى منه بئر أَرِيسَ شَيْئًا كَانَ لِعُثْمَانَ بِالْعِرَاقِ، وَاشْتَرَى مِنْهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِمَالٍ كَانَ لَهُ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عُثْمَانُ نَهْرَ مَرْوَانَ- وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَجْمَةٌ- وَاشْتَرَى مِنْهُ رِجَالٌ مِنَ الْقَبَائِلِ بِالْعِرَاقِ بِأَمْوَالٍ كَانَتْ لَهُمْ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَالْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ، فَكَانَ مِمَّا اشْتَرَى مِنْهُ الأَشْعَثُ بِمَالٍ كَانَ لَهُ فِي حَضْرَمَوْتَ مَا كَانَ لَهُ بِطِيزَنَابَاذَ وَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى أَهْلِ الآفَاقِ فِي ذَلِكَ وَبِعِدَّةِ جِرْبَانِ الْفَيْءِ، وَالْفَيْءُ الَّذِي يَتَدَاعَاهُ أَهْلُ الأَمْصَارِ، فَهُوَ مَا كَانَ لِلْمُلُوكِ نَحْوَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ بِلادِهِمْ فَأَجْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute