والدهقان يَوْمَئِذٍ بمرو ماهويه بن مافناه بن فيد أَبُو براز ووكل ماهوية ابنه براز مدينة مرو- وكانت إِلَيْهِ- وأراد يزدجرد دخول الْمَدِينَةِ لينظر إِلَيْهَا وإلى قهندزها- وَكَانَ ماهويه قَدْ تقدم إِلَى ابنه أَلا يفتحها لَهُ إن رام دخولها تخوفا لمكره وغدره- فركب يزدجرد فِي الْيَوْم الَّذِي أراد دخولها، فأطاف بِالْمَدِينَةِ، فلما انتهى إِلَى باب من أبوابها، وأراد دخولها مِنْهُ صاح أَبُو براز ببراز: أن افتح- وَهُوَ فِي ذَلِكَ يشد منطقته، ويومىء إِلَيْهِ أَلا يفعل- وفطن لذلك رجل من أَصْحَاب يزدجرد، فأعلمه ذَلِكَ، واستأذنه فِي ضرب عنق ماهويه، وَقَالَ: إن فعلت صفت لك الأمور بهذه الناحية، فأبى عَلَيْهِ.
وَقَالَ بعضهم: بل كَانَ يزدجرد ولى مرو فرخزاذ، وأمر براز أن يدفع القهندز والمدينة إِلَيْهِ، فأبى أهل الْمَدِينَةِ ذَلِكَ، لأن ماهويه أبا براز تقدم إِلَيْهِم بِذَلِكَ، وَقَالَ لَهُمْ: ليس هَذَا لكم بملك، فقد جاءكم مفلولا مجروحا، ومرو لا تحتمل مَا يحتمل غيرها من الكور، فإذا جئتكم غدا فلا تفتحوا الباب فلما أتاهم فعلوا ذَلِكَ، وانصرف فرخزاذ، فجثا بين يدي يزدجرد، وَقَالَ: استصعبت عَلَيْك مرو، وهذه العرب قَدْ أتتك قَالَ:
فما الرأي؟ قَالَ: الرأي أن نلحق ببلاد الترك ونقيم بِهَا، حَتَّى يتبين لنا أمر العرب، فإنهم لا يدعون بلدة إلا دخلوها قَالَ: لست أفعل، ولكنى أرجع عودي عَلَى بدئي، فعصاه ولم يقبل رأيه، وسار يزدجرد، فأتى براز دهقان مرو، وأجمع عَلَى صرف الدهقنة إِلَى سنجان ابن أخيه، فبلغ ذَلِكَ ماهوية أبا براز، فعمل فِي هلاك يزدجرد وكتب إِلَى نيزك طرخان يخبره أن يزدجرد وقع إِلَيْهِ مفلولا، ودعاه إِلَى القدوم عَلَيْهِ لتكون أيديهما معا فِي أخذه، والاستيثاق مِنْهُ، فيقتلوه أو يصالحوا عَلَيْهِ العرب، وجعل لَهُ إن هُوَ أراحه مِنْهُ أن يفي لَهُ كل يوم بألف درهم، وسأله أن يكتب إِلَى يزدجرد مماكرا لَهُ لينحي عنه عامة جنده، ويحصل فِي طائفة من عسكره وخواصه، فيكون أضعف لركنه، وأهون لشوكته، وَقَالَ: تعلمه فِي كتابك إِلَيْهِ الَّذِي عزمت عَلَيْهِ، من مناصحته ومعونته عَلَى عدوه من العرب، حتى