لأَطِيرَنَّ بِكَ طَيْرَةً بَعِيدَةَ الْمَهْوَى فَأَقَامَهُمْ أَشْهُرًا كُلَّمَا رَكِبَ أَمْشَاهُمْ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ صَعْصَعَةُ قال: يا بن الْحُطَيْئَةِ، أَعَلِمْتَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الْخَيْرُ أَصْلَحَهُ الشَّرُّ! مَا لَكَ لا تَقُولُ كَمَا كَانَ يَبْلُغُنِي أَنَّكَ تَقُولُ لِسَعِيدٍ وَمُعَاوِيَةَ! فَيَقُولُ وَيَقُولُونَ:
نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، أَقِلَّنَا أَقَالَكَ اللَّهُ! فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: تَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ.
وَسَرَّحَ الأَشْتَرَ إِلَى عُثْمَانَ، وَقَالَ لَهُمْ: مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمْ فَاخْرُجُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَقِيمُوا وَخَرَجَ الأَشْتَرُ، فَأَتَى عُثْمَانَ بِالتَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ وَالنُّزُوعِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:
سَلَّمَكُمُ اللَّهُ وَقَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِلأَشْتَرِ: احْلِلْ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ: مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ؟ وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ، فَقَالَ: ذَاكَ إِلَيْكُمْ، فَرَجَعَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ إِلَى الْكُوفَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، حِينَ شَهِدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ الْوَلِيدَ بن عقبه قال: قدم سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْكُوفَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْوَلِيدِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِ قَالَ: فَتَضَجَّعَ أَيَّامًا، فَقَالَ لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى أَخِيكَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْعَثَكَ إِلَيْهِ، قَالَ: وَمَا صَعِدَ مِنْبَرَ الْكُوفَةِ حَتَّى أَمَرَ بِهِ أَنْ يُغْسَلَ، فَنَاشَدَهُ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا مَعَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا قَبِيحٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَرَادَ هَذَا غَيْرُكَ لَكَانَ حَقًّا أَنْ تَذُبَّ عَنْهُ، يَلْزَمُهُ عَارُ هَذَا أَبَدًا قَالَ: فَأَبَى إِلا أَنْ يَفْعَلَ، فَغَسَلَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى الْوَلِيدِ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْ دَارِ الإِمَارَةِ، فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، وَنَزَلَ دَارَ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ، فَقَدِمَ الْوَلِيدُ عَلَى عُثْمَانَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُصَمَائِهِ، فَرَأَى أَنْ يَجْلِدَهُ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي شَيْبَانُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْكُوفَةَ، فَجَعَلَ يَخْتَارُ وجوه الناس يدخلون عليه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute