دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالُوا: كَتَبْتَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا! قَالَ: فَقَالَ: إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينِي بالله الذي لا إله إلا هو ما كَتَبْتُ وَلا أَمْلَلْتُ وَلا عَلِمْتُ قَالَ: وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ قَالَ: فَقَالُوا: فَقَدْ وَاللَّهِ أَحَلَّ اللَّهُ دَمَكَ، وَنَقَضْتَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ قَالَ: فَحَاصَرُوهُ.
وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي سَبَبِ مَسِيرِ الْمِصْرِيِّينَ إِلَى عُثْمَانَ وَنُزُولِهِمْ ذَا خَشَبٍ أُمُورًا كَثِيرَةً، مِنْهَا مَا قَدْ تقدم ذكريه، وَمِنْهَا مَا أَعْرَضْتُ عَنْ ذِكْرِهِ كَرَاهَةً مِنِّي لِبَشَاعَتِهِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَوْنٍ مَوْلَى الْمسورِ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ عَامِلا لِعُثْمَانَ، فَعَزَلَهُ عَنِ الْخَرَاجِ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّلاةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى الْخَرَاجِ، ثُمَّ جَمَعَهُمَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ جَعَلَ يَطْعَنُ عَلَى عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا عثمان خاليا به، فقال: يا بن النَّابِغَةِ، مَا أَسْرَعَ مَا قَمِلَ جِرْبَانُ جُبَّتِكَ! إِنَّمَا عَهْدُكَ بِالْعَمَلِ عَاما أَوَّل.
أَتَطْعَنُ عَلَيَّ وَتَأْتِينِي بِوَجْهٍ وَتَذْهَبُ عَنِّي بِآخَرَ! وَاللَّهِ لَوْلا أَكْلَةٌ مَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ كَثِيرًا مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ وَيَنْقُلُونُ إِلَى وُلاتِهِمْ بَاطِلٌ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي رَعِيَّتِكَ! فَقَالَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى ظَلْعِكَ، وَكَثْرَةِ الْقَالَةِ فِيكَ فَقَالَ عَمْرٌو: قَدْ كُنْتُ عَامِلا لِعَمُرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَفَارَقَنِي وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَوْ آخَذْتُكَ بِمَا آخَذَكَ بِهِ عُمَرُ لاسْتَقَمْتَ، وَلَكِنِّي لِنْتُ عَلَيْكَ فَاجْتَرَأْتَ عَلَيَّ، أَمَا وَاللَّهِ لأَنَا أَعَزُّ مِنْكَ نَفَرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَبْلَ أَنْ أَلِيَ هَذَا السُّلْطَانَ فَقَالَ عَمْرٌو: دَعْ عَنْكَ هَذَا، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بمحمد ص وَهَدَانَا بِهِ، قَدْ رَأَيْتُ الْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ ورايت اباك عفان، فو الله لَلْعَاصُ كَانَ أَشْرَفَ مِنْ أَبِيكَ قَالَ: فَانْكَسَرَ عُثْمَانُ، وَقَالَ: مَا لَنَا وَلِذِكْرِ الْجَاهِلِيَّةِ! قَالَ: وَخَرَجَ عَمْرٌو وَدَخَلَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ بَلَغْتَ مَبْلَغًا يَذْكُرُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَبَاكَ! فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، مِنْ ذِكْرِ آبَاءِ الرِّجَالِ ذَكَرُوا أَبَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute