قَالَ: فَخَرَجَ عَمْرٌو مِنْ عِنْدِ عُثْمَانَ وَهُوَ مُحْتَقِدٌ عَلَيْهِ، يَأْتِي عَلِيًّا مَرَّةً فَيُؤَلِّبُهُ عَلَى عُثْمَانَ، وَيَأْتِي الزُّبَيْرَ مَرَّةً فَيُؤَلِّبُهُ عَلَى عُثْمَانَ، وَيَأْتِي طَلْحَةَ مَرَّةً فَيُؤَلِّبُهُ عَلَى عُثْمَانَ، وَيَعْتَرِضَ الْحَاجَّ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا أَحْدَثَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا كَانَ حَصْرُ عُثْمَانَ الأَوَّلُ، خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَرْضٍ لَهُ بِفِلَسْطِينَ يُقَالُ لَهَا السَّبْعُ، فَنَزَلَ فِي قَصْرٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ الْعَجْلانُ، وَهُوَ يَقُولُ: الْعَجَبُ مَا يَأْتِينَا عَنِ ابْنِ عَفَّانَ! قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ فِي قَصْرِهِ ذَلِكَ، وَمَعَهُ ابْنَاهُ مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، وسلامه ابن رَوْحٍ الْجُذَامِيُّ، إِذْ مَرَّ بِهِمْ رَاكِبٌ، فَنَادَاهُ عَمْرٌو: مِنْ أَيْنَ قَدِمَ الرَّجُلُ؟
فَقَالَ: مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ؟ يَعْنِي عُثْمَانَ، قَالَ: تَرَكْتُهُ مَحْصُورًا شَدِيدَ الْحِصَارِ قَالَ عَمْرٌو: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَدْ يَضْرُطُ الْعِيرُ وَالْمِكْوَاةُ فِي النَّارِ فَلَمْ يَبْرَحْ مَجْلِسُهُ ذَلِكَ حَتَّى مَرَّ بِهِ رَاكِبٌ آخَرُ، فَنَادَاهُ عَمْرٌو: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ؟ يَعْنِي عُثْمَانَ، قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، إِذَا حَكَكْتُ قَرْحَةً نَكَأْتُهَا، إِنْ كُنْتُ لأُحَرِّضَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِنِّي لأُحَرِّضَ عَلَيْهِ الرَّاعِي فِي غَنَمِهِ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ فَقَالَ لَهُ سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْعَرَبِ بَابٌ وَثِيقٌ فَكَسَرْتُمُوهُ، فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحَقَّ مِنْ حَافِرَةِ الْبَاطِلِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّاسُ فِي الْحَقِّ شَرْعًا سَوَاءٌ وَكَانَتْ عِنْدَ عَمْرٍو أُخْتُ عُثْمَانَ لأُمِّهِ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَفَارَقَهَا حِينَ عَزَلَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عمر: وحدثنى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِمِصْرَ يُحَرِّضَانِ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَأَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِمِصْرَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمِصْرِيُّونَ خَرَجَ عبد الرحمن بن عديس البلوى في خمسمائة، وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْعُمْرَةَ، وَخَرَجُوا فِي رَجَبَ، وَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ رَسُولا سَارَ إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً يُخْبِرُ عُثْمَانَ أَنَّ ابْنَ عُدَيْسٍ وَأَصْحَابَهُ قَدْ وَجَّهُوا نَحْوَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيَّعَهُمْ إِلَى عَجْرُودٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَأَظْهَرَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ: خَرَجَ الْقَوْمُ عَمَّارًا، وَقَالَ فِي السِّرِّ: خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى إِمَامِهِمْ فَإِنْ نَزَعَ وَإِلا قَتَلُوهُ، وَسَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute