الْقَوْمُ الْمَنَازِلَ لَمْ يَعُدُّوهَا حَتَّى نَزَلُوا ذَا خَشَبٍ وَقَالَ عُثْمَانُ قَبْلَ قُدُومِهِمْ حِينَ جَاءَهُ رَسُولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ: هَؤُلاءِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُرِيدُونَ- بِزَعْمِهِمُ- الْعُمْرَةَ، وَاللَّهِ مَا أَرَاهُمْ يُرِيدُونَهَا، وَلَكِنَّ النَّاسَ قَدْ دَخَلَ بِهِمْ، وَأَسْرَعُوا إِلَى الْفِتْنَةِ، وَطَالَ عَلَيْهِمْ عُمْرَى، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ فَارَقْتُهُمْ لَيَتَمَنَّوْنَ أَنَّ عُمْرَى كَانَ طَالَ عَلَيْهِمْ مَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ بِسَنَةٍ مِمَّا يَرَوْنَ مِنَ الدِّمَاءِ الْمَسْفُوكَةِ، وَالإِحَنِ وَالأَثْرَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالأَحْكَامِ الْمُغَيِّرَةِ قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ الْقَوْمُ ذَا خَشَبٍ جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّ الْقَوْمَ يُرِيدُونَ قَتْلَ عُثْمَانَ إِنْ لَمْ يَنْزَعْ، وَأَتَى رَسُولُهُمْ إِلَى عَلِيٍّ لَيْلا، وَإِلَى طَلْحَةَ، وَإِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ.
وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَهُمْ إِلَى عَلِيٍّ كِتَابًا، فَجَاءُوا بِالْكِتَابِ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمْ يَظْهَرَ عَلَى مَا فِيهِ، فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانَ مَا رَأَى جَاءَ عَلِيًّا فَدَخَلَ عليه بيته، فقال: يا بن عَمِّ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي مترك، وَإِنَّ قَرَابَتِي قَرِيبَةٌ، وَلِي حَقٌّ عَظِيمٌ عَلَيْكَ، وَقَدْ جَاءَ مَا تَرَى مِنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ، وَهُمْ مُصَبِّحِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرًا، وَأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ مِنْكَ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَرْكَبَ إِلَيْهِمْ فَتَرُدَّهُمْ عَنِّي، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَرْأَةً مِنْهُمْ عَلَيَّ، وَلْيَسْمَعْ بِذَلِكَ غَيْرُهُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ: عَلامَ أَرُدُّهُمْ؟ قَالَ: عَلَى أَنْ أَصِيرَ إِلَى مَا أَشَرْتَ بِهِ عَلَيَّ وَرَأَيْتَهُ لِي، وَلَسْتُ أَخْرُجُ مِنْ يَدَيْكَ، [فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي قَدْ كُنْتُ كَلَّمْتُكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ نَخْرُجُ فَتَكَلَّمَ، وَنَقُولُ وَتَقُولُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِعْلُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَابْنِ عَامِرٍ وَمُعَاوِيَةَ، أَطَعْتَهُمْ وَعَصَيْتَنِي.
قَالَ عُثْمَانُ: فَإِنِّي أَعْصِيهِمْ وَأُطِيعُكَ] قَالَ: فَأَمَرَ النَّاسَ، فَرَكِبُوا مَعَهُ: الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارِ قَالَ: وَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، يُكَلِّمُهُ أَنْ يَرْكَبَ مَعَ عَلِيٍّ فَأَبَى، فَأَرْسَلَ عثمان الى سعد بن ابى وقاص، فكلمه أَنْ يَأْتِيَ عَمَّارًا فَيُكَلِّمُهُ أَنْ يَرْكَبَ مَعَ عَلِيٍّ، قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَمَّارٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، أَلا تَخْرُجُ فِيمَنْ يَخْرُجُ! وَهَذَا عَلِيٌّ يَخْرُجُ فَاخْرُجْ مَعَهُ، وَارْدُدْ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ عَنْ إِمَامِكَ، فَإِنِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute