للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَحْسَبُ أَنَّكَ لَمْ تَرْكَبْ مَرْكَبًا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ.

قَالَ: وَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الْكِنْدِيِّ- وَكَانَ مِنْ أَعْوَانِ عُثْمَانَ- فَقَالَ: انْطَلِقْ فِي إِثْرِ سَعْدٍ فَاسْمَعْ مَا يَقُولُ سَعْدٌ لِعَمَّارٍ، وَمَا يَرُدُّ عَمَّارٌ عَلَى سَعْدٍ، ثُمَّ ائْتِنِي سَرِيعًا.

قَالَ: فَخَرَجَ كَثِيرٌ حَتَّى يَجِدَ سَعْدًا عِنْدَ عَمَّارٍ مَخْلِيًّا بِهِ، فَأَلْقَمَ عَيْنَهُ جُحْرَ الْبَابِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارٌ وَلا يَعْرِفُهُ، وَفِي يَدِهِ قَضِيبٌ، فَأَدْخَلَ الْقَضِيبُ الْجُحْرَ الَّذِي أَلْقَمَهُ كَثِيرٌ عَيْنَهُ، فَأَخْرَجَ كَثِيرٌ عَيْنَهُ مِنَ الْجُحْرِ، وَوَلَّى مُدْبِرًا مُتَقَنِّعًا فَخَرَجَ عَمَّارٌ فَعَرَفَ أَثَرَهُ، وَنَادَى: يَا قَلِيلُ ابْنَ أُمِّ قَلِيلٍ! أَعَلَيَّ تَطَّلِعُ وَتَسْتَمِعُ حَدِيثِي! وَاللَّهِ لَوْ دَرِيتُ أَنَّكَ هُوَ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ بِالْقَضِيبِ، فان رسول الله ص قَدْ أَحَلَّ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ عَمَّارٌ إِلَى سَعْدٍ، فَكَلَّمَهُ سَعْدٌ وَجَعَلَ يَفْتِلُهُ بِكُلِّ وَجْهٍ، فَكَانَ آخَرُ ذَلِكَ أَنْ قَالَ عَمَّارٌ: وَاللَّهِ لا أَرُدُّهُمْ عَنْهُ أَبَدًا فَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ عَمَّارٌ، فَاتَّهَمَ عُثْمَانُ سَعْدًا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُنَاصِحْهُ، فَأَقْسَمَ لَهُ سَعْدٌ بِاللَّهِ، لَقَدْ حُرِّضَ فَقَبِلَ مِنْهُ عُثْمَانُ.

قَالَ: وركب على ع إِلَى أَهْلِ مِصْرَ، فَرَدَّهُمْ عَنْهُ، فَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صالح، عن عاصم بن عمر، عن محمود بْنِ لبيد، قَالَ: لما نزلوا ذا خشب، كلم عثمان عليا واصحاب رسول الله ص أن يردوهم عنه، فركب علي وركب مَعَهُ نفر من الْمُهَاجِرِينَ، فِيهِمْ سَعِيد بن زَيْدٍ، وأبو جهم العدوي، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، ومروان بن الحكم، وسعيد بن الْعَاصِ، وعبد الرَّحْمَن بن عتاب بن أسيد، وخرج من الأنصار أَبُو أسيد الساعدي وأبو حميد الساعدي، وزَيْد بن ثَابِت، وحسان بن ثَابِت، وكعب بن مَالِكٍ، ومعهم من العرب نيار بن مكرم وغيرهم ثلاثون رجلا، وكلمهم علي ومحمد بن مسلمة- وهما اللذان قدما- فسمعوا مقالتهما، ورجعوا قَالَ محمود: فأخبرني مُحَمَّد بن مسلمة، قَالَ: مَا برحنا من ذي خشب حَتَّى رحلوا راجعين إِلَى مصر، وجعلوا يسلمون علي، فما أنسى قول عبد الرَّحْمَن بن عديس:

أتوصينا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن بحاجة؟ قَالَ: قلت: تتقي اللَّه وحده لا شريك له،

<<  <  ج: ص:  >  >>