للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو وَعَلِيٌّ، قالا: حدثنا حسين، عن أبيه، عن محمد بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: إِنَّمَا رَدَّ أَهْلَ مِصْرَ إِلَى عُثْمَانَ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ عَنْهُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُمْ غُلامٌ لِعُثْمَانَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ بِصَحِيفَةٍ إِلَى أَمِيرِ مِصْرَ أَنْ يُقَتِّلَ بَعْضَهُمْ، وَأَنْ يُصَلِّبَ بَعْضَهُمْ فَلَمَّا أَتَوْا عُثْمَانَ، قَالُوا: هَذَا غُلامُكَ، قَالَ: غُلامِي انْطَلَقَ بِغَيْرِ عِلْمِي، قَالُوا: جَمَلَكَ، قَالَ: أَخَذَهُ مِنَ الدَّارِ بِغَيْرِ أَمْرِي، قَالُوا: خَاتَمُكَ، قَالَ: نُقِشَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرحمن ابن عُدَيْسٍ التُّجِيبِيُّ حِينَ أَقْبَلَ أَهْلُ مِصْرَ:

أَقْبَلْنَ مِنْ بُلْبَيسَ وَالصَّعِيدْ ... خُوصًا كَأَمْثَالِ الْقِسِيِّ قُودْ

مستحقبات حلق الحديد ... يطلبن حق الله في الْوَلِيدْ

وَعِنْدَ عُثْمَانَ وَفِي سَعِيدْ ... يَا رَبِّ فَارْجِعْنَا بِمَا نُرِيدْ

فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانُ مَا قَدْ نَزَلَ بِهِ، وَمَا قَدِ انْبَعَثَ عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ، كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ بِالشَّامِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَدْ كَفَرُوا وَأَخْلَفُوا الطَّاعَةَ، وَنَكَثُوا الْبَيْعَةَ، فَابْعَثْ إِلَيَّ مِنْ قِبَلِكَ مِنْ مُقَاتِلَةِ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ.

فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابُ تَرَبَّصَ بِهِ، وَكَرِهَ إِظْهَارَ مُخَالَفَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص، وَقَدْ عَلِمَ اجْتِمَاعَهُمْ، فَلَمَّا أَبْطَأَ أَمْرُهُ عَلَى عُثْمَانَ كَتَبَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ كُرْزٍ، وَإِلَى أَهْلِ الشَّامِ يَسْتَنْفِرُهُمْ وَيُعَظِّمُ حَقَّهُ عَلَيْهِمْ، وَيَذْكُرُ الْخُلَفَاءَ وَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَمُنَاصَحَتِهِمْ، وَوَعَدَهُمْ أَنْ يَنْجُدَهُمْ جُنْدٌ أَوْ بِطَانَةٌ دُونَ النَّاسِ، وَذَكَّرَهُمْ بَلاءَهُ عِنْدَهُمْ، وَصَنِيعَهُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ غِيَاثٌ فَالْعَجَلَ الْعَجَلَ، فَإِنَّ الْقَوْمَ مُعَاجِلِيَّ.

فَلَمَّا قُرِئَ كِتَابُهُ عَلَيْهِمْ قَامَ يَزِيدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ كُرْزٍ الْبَجَلِيُّ ثُمَّ الْقَسْرِيُّ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَعَظَّمَ حَقَّهُ، وَحَضَّهُمْ عَلَى نَصْرِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ فَتَابَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَسَارُوا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، بَلَغَهُمْ قَتْلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَجَعُوا.

وَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنِ انْدُبْ إِلَيَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، نُسْخَةَ كِتَابِهِ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>