للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ النَّاسَ، فَقَرَأَ كِتَابَهُ عَلَيْهِمْ، فَقَامَتْ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَحُضُّونَهُ عَلَى نَصْرِ عُثْمَانَ وَالْمَسِيرِ إِلَيْهِ، فِيهِمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ قَيْسٍ بِالْبَصْرَةِ وَقَامَ أيضا قيس ابن الْهَيْثَمِ السُّلَمِيُّ، فَخَطَبَ وَحَضَّ النَّاسَ عَلَى نَصْرِ عُثْمَانَ، فَسَارَعَ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَارَ بِهِمْ، حَتَّى إِذَا نَزَلَ النَّاسُ الرَّبَذَةَ، وَنَزَلَتْ مُقَدِّمَتُهُ عِنْدَ صِرَارَ- نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ- أَتَاهُمْ قَتْلُ عُثْمَانَ.

حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو وَعَلِيٌّ، قَالا: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ أَبِيهِ، عن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسار المدني، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كتب أهل مصر بالسقيا- أو بذي خشب- إِلَى عُثْمَانَ بكتاب، فَجَاءَ بِهِ رجل مِنْهُمْ حَتَّى دخل بِهِ عَلَيْهِ، فلم يرد عَلَيْهِ شَيْئًا، فأمر بِهِ فأخرج من الدار، وَكَانَ أهل مصر الذين ساروا الى عثمان ستمائه رجل عَلَى أربعة ألوية لها رءوس أربعة، مع كل رجل مِنْهُمْ لواء، وَكَانَ جماع أمرهم جميعا إِلَى عَمْرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي- وكان من اصحاب النبي ص- وإلى عبد الرَّحْمَن بن عديس التُّجِيبِيّ، فكان فِيمَا كتبوا إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فاعلم إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، فاللَّه اللَّه! ثُمَّ اللَّه اللَّه! فإنك عَلَى دنيا فاستتم إِلَيْهَا معها آخرة، وَلا تلبس نصيبك من الآخرة، فلا تسوغ لك الدُّنْيَا.

واعلم أنا وَاللَّهِ لِلَّهِ نغضب، وفي اللَّه نرضى، وأنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبه مصرحه، اضلاله مجلحة مبلجة، فهذه مقالتنا لك، وقضيتنا إليك، وَاللَّه عذيرنا مِنْكَ والسلام.

وكتب أهل الْمَدِينَةِ إِلَى عُثْمَانَ يدعونه إِلَى التوبة، ويحتجون ويقسمون لَهُ بِاللَّهِ لا يمسكون عنه أبدا حَتَّى يقتلوه، أو يعطيهم مَا يلزمه من حق اللَّه.

فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ صنع القوم مَا قَدْ رأيتم، فما المخرج؟ فأشاروا عَلَيْهِ أن يرسل إِلَى عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ فيطلب إِلَيْهِ أن يردهم عنه، ويعطيهم مَا يرضيهم ليطاولهم حَتَّى يأتيه

<<  <  ج: ص:  >  >>