للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمداد، فَقَالَ: إن القوم لن يقبلوا التعليل، وهم محملي عهدا، وَقَدْ كَانَ مني فِي قدمتهم الأولى مَا كَانَ، فمتى أعطهم ذَلِكَ يسألوني الوفاء بِهِ! فَقَالَ مَرْوَان بن الحكم: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مقاربتهم حَتَّى تقوى أمثل من مكاثرتهم عَلَى القرب، فأعطهم مَا سألوك، وطاولهم مَا طاولوك، فإنما هم بغوا عَلَيْك، فلا عهد لَهُمْ.

فأرسل إِلَى علي فدعاه، فلما جاءه قَالَ: يَا أَبَا حسن، إنه قَدْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَا قَدْ رأيت، وَكَانَ مني مَا قَدْ علمت، ولست آمنهم عَلَى قتلي، فارددهم عني، فإن لَهُمُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن أعتبهم من كل مَا يكرهون، وأن أعطيهم الحق من نفسي ومن غيري، وإن كَانَ فِي ذَلِكَ سفك دمي [فَقَالَ لَهُ علي:

الناس إِلَى عدلك أحوج مِنْهُمْ إِلَى قتلك، وإني لأرى قوما لا يرضون إلا بالرضا، وَقَدْ كنت أعطيتهم فِي قدمتهم الأولى عهدا من اللَّه: لترجعن عن جميع مَا نقموا، فرددتهم عنك، ثُمَّ لم تف لَهُمْ بشيء من ذَلِكَ، فلا تغرني هَذِهِ المرة من شَيْء فإني معطيهم عَلَيْك الحق] قال: نعم، فأعطهم، فو الله لأفين لَهُمْ [فخرج علي إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنكم إنما طلبتم الحق فقد أعطيتموه، إن عُثْمَان قَدْ زعم أنه منصفكم من نفسه ومن غيره، وراجع عن جميع مَا تكرهون، فاقبلوا مِنْهُ ووكدوا عَلَيْهِ قَالَ الناس: قَدْ قبلنا فاستوثق مِنْهُ لنا، فإنا وَاللَّهِ لا نرضى بقول دون فعل] فَقَالَ لَهُمْ علي: ذَلِكَ لكم ثُمَّ دخل عَلَيْهِ فأخبره الخبر، فَقَالَ عُثْمَان: اضرب بيني وبينهم أجلا يكون لي فِيهِ مهلة، فإني لا أقدر عَلَى رد مَا كرهوا فِي يوم واحد، قَالَ لَهُ علي: مَا حضر بِالْمَدِينَةِ فلا أجل فِيهِ، وما غاب فأجله وصول أمرك، قَالَ: نعم، ولكن أجلني فِيمَا بِالْمَدِينَةِ ثلاثة أيام قَالَ علي: نعم، فخرج إِلَى النَّاسِ فأخبرهم بِذَلِكَ، وكتب بينهم وبين عُثْمَان كتابا أجله فِيهِ ثلاثا، عَلَى أن يرد كل مظلمة، ويعزل كل عامل كرهوه، ثُمَّ أخذ عَلَيْهِ فِي الكتاب أعظم مَا أخذ اللَّه عَلَى أحد من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عَلَيْهِ ناسا من وجوه الْمُهَاجِرِينَ والأنصار، فكف الْمُسْلِمُونَ عنه ورجعوا إِلَى أن يفي لَهُمْ بِمَا أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهب للقتال، ويستعد بالسلاح- وَقَدْ كَانَ اتخذ جندا عظيما من

<<  <  ج: ص:  >  >>