للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الغلس، [فقال: يا ايها الناس، إن الَّذِي تصنعون لا يشبه أمر الْمُؤْمِنِينَ وَلا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هَذَا الرجل المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي، وما تعرض لكم هَذَا الرجل، فبم تستحلون حصره وقتله!] قَالُوا: لا وَاللَّهِ وَلا نعمة عين، لا نتركه يأكل وَلا يشرب، فرمى بعمامته فِي الدار بأني قَدْ نهضت فِيمَا أنهضتني، فرجع وجاءت أم حبيبة عَلَى بغلة لها برحالة مشتملة عَلَى إداوة، فقيل: أم الْمُؤْمِنِينَ أم حبيبة، فضربوا وجه بغلتها، فَقَالَتْ: إن وصايا بني أُمَيَّة إِلَى هَذَا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذَلِكَ كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل قَالُوا: كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فندت بأم حبيبة، فتلقاها الناس، وَقَدْ مالت رحالتها، فتعلقوا بِهَا وأخذوها وَقَدْ كادت تقتل، فذهبوا بِهَا إِلَى بيتها وتجهزت عَائِشَةُ خارجة إِلَى الحج هاربة، واستتبعت أخاها، فأبى، فَقَالَتْ: أما وَاللَّهِ لَئِنِ استطعت أن يحرمهم اللَّه مَا يحاولون لأفعلن.

وجاء حنظلة الكاتب حَتَّى قام عَلَى مُحَمَّد بن أبي بكر، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، تستتبعك أم الْمُؤْمِنِينَ فلا تتبعها، وتدعوك ذؤبان العرب إِلَى مَا لا يحل فتتبعهم! فقال: ما أنت وذاك يا بن التميمية! فقال: يا بن الخثعمية، إن هَذَا الأمر إن صار إِلَى التغالب غلبتك عَلَيْهِ بنو عبد مناف، وانصرف وَهُوَ يقول:

عجبت لما يخوض الناس فِيهِ ... يرومون الخلافة أن تزولا

ولو زالت لزال الخير عَنْهُمْ ... ولاقوا بعدها ذلا ذليلا

وكانوا كاليهود أو النصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا

ولحق بالكوفة وخرجت عَائِشَةُ وَهِيَ ممتلئة غيظا عَلَى أهل مصر، وجاءها مَرْوَان بن الحكم فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، لو أقمت كَانَ أجدر أن يراقبوا هَذَا الرجل، فَقَالَتْ: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة، ثُمَّ لا أجد من يمنعني! لا وَاللَّهِ وَلا أعير وَلا أدري إلام يسلم أمر هَؤُلاءِ! وبلغ طَلْحَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>