للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزُّبَيْر مَا لقي علي وأم حبيبة، فلزموا بيوتهم، وبقي عُثْمَان يسقيه آل حزم فِي الغفلات، عَلَيْهِم الرقباء، فأشرف عُثْمَان عَلَى الناس، فقال: يا عبد الله ابن عباس- فدعى لَهُ- فَقَالَ: اذهب فأنت عَلَى الموسم- وَكَانَ ممن لزم الباب- فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لجهاد هَؤُلاءِ أحب إلي من الحج، فأقسم عَلَيْهِ لينطلقن فانطلق ابن عَبَّاس عَلَى الموسم تِلَكَ السنة، ورمى عُثْمَان إِلَى الزُّبَيْر بوصيته، فانصرف بِهَا- وفي الزُّبَيْر اختلاف: أأدرك مقتله أو خرج قبله- وَقَالَ عثمان: «يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ» الآية، اللَّهُمَّ حل بين الأحزاب وبين مَا يأملون كما فعل بأشياعهم من قبل.

وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عَمْرو بن مُحَمَّدٍ، قَالَ: بعثت لَيْلَى ابنة عميس إِلَى مُحَمَّد بن أبي بكر ومحمد بن جَعْفَر، فَقَالَتْ:

إن المصباح يأكل نفسه، ويضيء لِلنَّاسِ، فلا تأثما فِي أمر تسوقانه إِلَى من لا يأثم فيكما، فإن هَذَا الأمر الَّذِي تحاولون الْيَوْم لغيركم غدا، فاتقوا أن يكون عملكم الْيَوْم حسرة عَلَيْكُمْ، فلجا وخرجا مغضبين يقولان: لا ننسى مَا صنع بنا عُثْمَان، وتقول: مَا صنع بكما! أَلا الزمكما الله! فلقيهما سعيد ابن الْعَاصِ، وَقَدْ كَانَ بين مُحَمَّد بن أبي بكر وبينه شَيْء، فأنكره حين لقيه خارجا من عِنْدَ لَيْلَى، فتمثل لَهُ فِي تِلَكَ الحال بيتا:

استبق ودك للصديق وَلا تكن ... فيئا يعض بخاذل ملجاجا

فأجابه سَعِيد متمثلا:

ترون إذا ضربا صميما من الَّذِي ... لَهُ جانب ناء عن الجرم معور

كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وَطَلْحَةَ وَأَبِي حَارِثَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالُوا: فَلَمَّا بُويِعَ النَّاسُ جَاءَ السَّابِقُ فَقَدِمَ بِالسَّلامَةِ، فَأَخْبَرَهُمْ مِنَ الْمَوْسِمِ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ جَمِيعًا الْمِصْرِيِّينَ وَأَشْيَاعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا ذَلِكَ إِلَى حَجِّهِمْ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ ذَلِكَ مَعَ مَا بَلَغَهُمْ مِنْ نُفُورِ أَهْلِ الأَمْصَارِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>