وَخَرَجَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ:
صَبَرْنَا غَدَاةَ الدَّارِ وَالْمَوْتُ وَاقِبُ ... بِأَسْيَافِنَا دُونَ ابْنِ أَرْوَى نُضَارِبُ
وَكُنَّا غَدَاةَ الرَّوْعِ فِي الدَّارِ نُصْرَةً ... نُشَافِهُهُمْ بِالضَّرْبِ وَالْمَوْتُ ثَاقِبُ
فَكَانَ آخِرَ من خرج عبد الله بن الزبير، وامره عُثْمَانُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى أَبِيهِ فِي وَصِيَّةٍ بِمَا أَرَادَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَ الدَّارِ فَيَأْمُرُهُمْ بِالانْصِرَافِ إِلَى مَنَازِلِهْمِ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ آخِرَهُمْ، فَمَا زَالَ يَدَّعِي بِهَا، وَيُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْ عُثْمَانَ بِآخِرِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عُثْمَانَ، قَالُوا: وَأَحْرَقُوا الْبَابَ وَعُثْمَانُ فِي الصَّلاةِ، وقد افتتح «طه. ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى» - وَكَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، فَمَا كَرَثَهُ مَا سَمِعَ، وَمَا يُخْطِئُ وَمَا يَتَتَعْتَعُ حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ- ثُمَّ عَادَ فَجَلَسَ إِلَى عِنْدِ الْمُصْحَفِ وَقَرَأَ: «الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» .
وَارْتَجَزَ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ وَهُوَ دُونَ الدَّارِ فِي أَصْحَابِهِ:
قَدْ عَلِمَتْ ذَاتُ الْقُرُونِ الْمِيلِ ... وَالْحُلِيِّ وَالأَنَامِلِ الطَّفُولِ
لَتَصْدُقَنَّ بَيْعَتِي خَلِيلِي ... بِصَارِمٍ ذِي رَوْنَقٍ مَصْقُولِ
لا أَسْتَقِيلُ إِنْ أُقِلْتُ قَيْلِي.
وَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالنَّاسُ مُحْجِمُونَ عَنِ الدَّارِ إِلا أُولَئِكَ الْعُصْبَةَ، فَدَسَرُوا فَاسْتَقْتَلُوا، فَقَامَ مَعَهُمْ، وَقَالَ: أَنَا أُسْوَتُكُمْ، وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ طَابَ امْضَرْبُ- يَعْنِي أَنَّهُ حَلَّ الْقِتَالُ، وَطَابَ وهذه لغة حمير- ونادى: يا قَوْمِ، مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي الى النار! وَبَادَرَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ وَنَادَى:
رَجُلٌ رَجُلٌ، فَبَرَزَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُدْعَى النَّبَّاعَ، فاختلفا، فضربه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute