للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآخَرَ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَقُومَا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلا غِرَارَتَانِ مِنْ وَرَقٍ، فَلَمَّا أُطْفِئَتِ النَّارُ بَعْدَ مَا نَاوَشَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانُ، وَتَوَعَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ، فَلَمَّا دُخِلَ عَلَى عُثْمَانَ هَرَبَا وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُثْمَانَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَرْسِلْ لِحْيَتِي، فَلَمْ يَكُنْ أَبُوكَ لِيَتَنَاوَلَهَا فَأَرْسَلَهَا، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجَؤُهُ بِنَعْلِ سَيْفِهِ، وَآخَرُ يَلْكِزُهُ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ بِمَشَاقِصَ مَعَهُ، فَوَجَأَهُ فِي تُرقُوَتِهِ، فَسَالَ الدَّمُ عَلَى الْمُصْحَفِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَهَابُونَ فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ كَبِيرًا، وَغُشِيَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ آخَرُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ جَرُّوا بِرِجْلِهِ، فَصَاحَتْ نَائِلَةُ وَبَنَاتُهُ، وَجَاءَ التُّجِيبِيُّ مُخْتَرِطًا سَيْفَهُ لِيَضَعَهُ فِي بَطْنِهِ، فَوَقَتْهُ نَائِلَةُ، فَقَطَعَ يَدَهَا، وَاتَّكَأَ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ فِي صَدْرِهِ وَقُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَنَادَى مُنَادٍ: مَا يَحِلُّ دَمُهُ وَيُحَرَّجُ مَالُهُ، فَانْتَهَبُوا كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ تَبَادَرُوا بَيْتَ الْمَالِ، فَأَلْقَى الرَّجُلانِ الْمَفَاتِيحَ وَنَجَوْا، وَقَالُوا: الْهَرَبَ الْهَرَبَ! هَذَا مَا طَلَبَ الْقَوْمُ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حدثه عن عبد الرحمن ابن مُحَمَّدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ تَسَوَّرَ عَلَى عُثْمَانَ مِنْ دَارِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَمَعَهُ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ عَتَّابٍ، وَسُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، فَوَجَدُوا عُثْمَانَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ نَائِلَةَ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَتَقَدَّمَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَأَخَذَ بِلِحْيَةِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا نَعْثَلُ! فَقَالَ عُثْمَانُ: لَسْتُ بِنَعْثَلٍ، وَلَكِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ:

مَا أَغْنَى عَنْكَ مُعَاوِيَةُ وَفُلانُ وَفُلانُ! فَقَالَ عثمان: يا بن أَخِي، دَعْ عَنْكَ لِحْيَتِي، فَمَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْبِضَ عَلَى مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ رَآكَ أَبِي تَعْمَلُ هَذِهِ الأَعْمَالَ أَنْكَرَهَا عَلَيْكَ، وَمَا أُرِيدُ بِكَ أَشَدَّ مِنْ قَبْضِي عَلَى لِحْيَتِكَ، قَالَ عُثْمَانُ: أَسْتَنْصِرُ اللَّهَ عَلَيْكَ وَأَسْتَعِينُ بِهِ ثُمَّ طَعَنَ جَبِينَهُ بِمِشْقَصٍ فِي يَدِهِ وَرَفَعَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ مَشَاقِصَ كَانَتْ فِي يَدِهِ، فَوَجَأَ بِهَا فِي أَصْلِ أُذُنِ عُثْمَانَ، فَمَضَتْ حَتَّى دَخَلَتْ فِي حَلْقِهِ، ثُمَّ عَلاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا عَوْنٍ يَقُولُ: ضَرَبَ كِنَانَةُ بْنُ بشر جبينه

<<  <  ج: ص:  >  >>