النَّاسُ فِيهِ، فَالتَّانِئُ يَسْتَرْجِعُ وَيَبْكِي، وَالطَّارِئُ يَفْرَحُ وَنَدِمَ الْقَوْمُ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ عَلَى طَرِيقِ مَكَّةَ لِئَلا يَشْهَدَ مَقْتَلَهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْخَبَرُ بِمَقْتَلِ عُثْمَانَ وَهُوَ بِحَيْثُ هُوَ، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ وَانْتَصَرَ لَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ الْقَوْمَ نَادِمُونَ، فَقَالَ: دَبِّرُوا دَبِّرُوا، «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ» الآيَةَ وَأَتَى الْخَبَرُ طَلْحَةَ، فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ! وَانْتَصَرَ لَهُ وَلِلإِسْلامِ، وَقِيلَ لَهُ:
إِنَّ الْقَوْمَ نَادِمُونَ، فَقَالَ تَبًّا لَهُمْ! وَقَرَأَ: «فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ» وَأَتَى عَلِيٌّ فَقِيلَ: قُتِلَ عُثْمَانُ، فَقَالَ رَحِمَ الله عثمان، وخلف علينا بخير! وقيل: ندم الْقَوْمِ، فَقَرَأَ: «كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ» ، الآيَةَ وَطُلِبَ سَعْدٌ، فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطِهِ، وَقَدْ قَالَ: لا أَشْهَدُ قَتْلَهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ قتله قال: فررنا الى المدينة تدنينا، وَقَرَأَ: «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» اللَّهُمَّ أَنْدِمْهُمْ ثُمَّ خُذْهُمْ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الْمُجَالِدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَقْتُولٌ، وَإِنَّهُ إِنْ قُتِلَ وَأَنْتَ بِالْمَدِينَةِ اتَّخَذُوا فِيكَ، فَاخْرُجْ فَكُنْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ وَكُنْتَ فِي غَارٍ بِالْيَمَنِ طَلَبَكَ النَّاسُ، فَأَبَى وَحُصِرَ عثمان اثنين وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أَحْرَقُوا الْبَابَ، وَفِي الدَّارِ أُنَاسٌ كَثِيرٌ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانُ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله ص عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَحْرِقُوا بَابَ الدَّارِ إِلا وَهُمْ يَطْلُبُونَ مَا هُوَ أَعْظَمَ مِنْهُ، فَأُحَرِّجُ عَلَى رجل يستقتل وَيُقَاتِلُ، وَخَرَجَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَدَعَا بِالْمُصْحَفِ يَقْرَأُ فِيهِ وَالْحَسَنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ الآنَ لَفِي أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا خَرَجْتَ! وَأَمَرَ عُثْمَانُ أَبَا كَرِبٍ- رَجُلا مِنْ هَمْدَانَ-
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute