للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الدَّارِ يَنْهَاهُمْ عَنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: يَا قَوْمِ لا تَسُلُّوا سَيْفَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، فو الله إِنْ سَلَلْتُمُوهُ لا تَغْمِدُوهُ، وَيْلَكُمْ! إِنَّ سُلْطَانَكُمُ اليوم يقوم بالدرة، فان قتلتموه لا يقوم إِلا بِالسَّيْفِ.

وَيْلَكُمْ! إِنَّ مَدِينَتَكُمْ مَحْفُوفَةٌ بِمَلائِكَةِ الله، والله لئن قتلتموه لتتركنها، فقالوا:

يا بن الْيَهُودِيَّةِ، وَمَا أَنْتَ وَهَذَا! فَرَجَعَ عَنْهُمْ.

قَالُوا: وَكَانَ آخِرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِمَّنْ رَجَعَ إِلَى الْقَوْمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَيْلَكَ! أَعَلَى اللَّهِ تَغْضَبُ! هَلْ لي إليك جرم الا حقه أَخَذْتَهُ مِنْكَ! فَنَكَلَ وَرَجَعَ.

قَالُوا: فَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعَرَفُوا انْكِسَارَهُ، ثَارَ قتيرة وسودان ابن حُمْرَانَ السَّكُونِيَّانِ وَالْغَافِقِيُّ، فَضَرَبَهُ الْغَافِقِيُّ بِحَدِيدَةٍ مَعَهُ، وَضَرَبَ الْمُصْحَفَ بِرِجْلِهِ فَاسْتَدَارَ الْمُصْحَفُ، فَاسْتَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَالَتْ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ، وَجَاءَ سُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ لِيَضْرِبَهُ، فَانْكَبَّتْ عَلَيْهِ نَائِلَةُ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ، وَاتَّقَتِ السَّيْفَ بِيَدِهَا، فَتَعَمَّدَهَا، وَنَفَحَ أَصَابِعَهَا، فَأَطَنَّ أَصَابِعَ يَدِهَا وَوَلَّتْ، فَغَمَزَ أَوْرَاكَهَا، وَقَالَ: إِنَّهَا لَكَبِيرَةُ الْعَجِيزَةِ، وَضَرَبَ عُثْمَانَ فَقَتَلَهُ، وَدَخَلَ غُلْمَةٌ لِعُثْمَانَ مَعَ الْقَوْمِ لِيَنْصُرُوهُ- وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ أَعْتَقَ مَنْ كَفَّ مِنْهُمْ- فَلَمَّا رَأَوْا سُودَانَ قَدْ ضَرَبَهُ، أَهْوَى لَهُ بَعْضُهُمْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَقَتَلَهُ، وَوَثَبَ قُتَيْرَةُ عَلَى الْغُلامِ فَقَتَلَهُ، وَانْتَهَبُوا مَا فِي الْبَيْتِ، وَأَخْرَجُوا مَنْ فِيهِ، ثُمَّ أَغْلَقُوهُ عَلَى ثَلاثَةِ قَتْلَى فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الدَّارِ، وَثَبَ غُلامٌ لِعُثْمَانَ آخَرُ عَلَى قُتَيْرَةَ فَقَتَلَهُ، وَدَارَ الْقَوْمُ فَأَخَذُوا مَا وَجَدُوا، حَتَّى تَنَاوَلُوا مَا عَلَى النِّسَاءِ، وَأَخَذَ رَجُلٌ مُلاءَةَ نَائِلَةَ- وَالرَّجُلُ يُدْعَى كُلْثُومَ بْنَ تُجِيبَ- فَتَنَحَّتْ نَائِلَةُ، فَقَالَ: وَيْحَ أُمُّكِ مِنْ عَجِيزَةٍ مَا اتمك! وَبَصَرَ بِهِ غُلامٌ لِعُثْمَانَ فَقَتَلَهُ وَقُتِلَ، وَتَنَادَى الْقَوْمُ:

أَبْصَرَ رَجُلٌ مَنْ صَاحِبُهُ، وَتَنَادَوْا فِي الدَّارِ: أَدْرِكُوا بَيْتَ الْمَالِ لا تُسْبَقُوا إِلَيْهِ، وَسَمِعَ أَصْحَابُ بَيْتِ الْمَالِ أَصْوَاتَهُمْ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلا غِرَارَتَانِ، فَقَالُوا:

النَّجَاءَ، فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ الدُّنْيَا، فَهَرَبُوا وَأَتَوْا بَيْتَ الْمَالِ فَانْتَهَبُوهُ، وماج

<<  <  ج: ص:  >  >>