للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ هَذِهِ الْخَزِيرَةَ قَطُّ؟ قُلتُ: نَعَمْ، فَكَادَتِ اللُّقْمَةُ تَفْرُثُ فِي يَدِي حِينَ أَهْوِي بِهَا إِلَى فَمِي، وَلَيْسَ فِيهَا لَحْمٌ، وَكَانَ أُدْمَهَا السَّمْنُ وَلا لَبَنَ فِيهَا.

فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقْتَ، إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتْعَبَ وَاللَّهِ مَنْ تَبِعَ أَثَرَهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ بِثَنْيِهِ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ ظَلَفًا أَمَا وَاللَّهِ مَا آكُلُهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنِّي آكُلُهُ مِنْ مَالِي، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرَ قُرَيْشٍ مَالا، وَأَجَدَّهُمْ فِي التِّجَارَةِ، وَلَمْ أَزَلْ آكُلُ مِنَ الطَّعَامِ مَا لانَ مِنْهُ، وَقَدْ بَلَغْتُ سِنًّا فَأَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَيَّ أَلْيَنُهُ، وَلا أَعْلَمُ لأَحَدٍ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ تِبْعَةً.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي ابن أبي سبرة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله ابن عَامِر، قَالَ: كنت أفطر مع عُثْمَان فِي شهر رمضان، فكان يأتينا بطعام هُوَ ألين من طعام عمر، قَدْ رأيت عَلَى مائدة عُثْمَان الدرمك الجيد وصغار الضأن كل ليلة، وما رأيت عمر قط أكل من الدقيق منخولا، وَلا أكل من الغنم إلا مسانها، فقلت لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يرحم اللَّه عمر! ومن يطيق مَا كَانَ عمر يطيق! قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي عَبْد الْمَلِكِ بن يَزِيدَ بن السَّائِب، عن عَبْد اللَّهِ بن السَّائِب، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي، قَالَ: أول فسطاط رأيته بمنى فسطاط لِعُثْمَانَ، وآخر لعبد اللَّه بن عَامِر بن كريز، وأول من زاد النداء الثالث يوم الجمعة عَلَى الزوراء عُثْمَان، وأول من نخل لَهُ الدقيق من الولاة عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا:

بلغ عُثْمَان أن ابن ذي الحبكة النهدي يعالج نيرنجا- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سلمة: إنما هُوَ نيرج- فأرسل إِلَى الْوَلِيدِ بن عُقْبَةَ ليسأله عن ذَلِكَ، فإن أقر بِهِ فأوجعه، فدعا بِهِ فسأله، فَقَالَ: إنما هُوَ رفق وأمر يعجب مِنْهُ، فأمر بِهِ فعزر، وأخبر الناس خبره، وقرأ عَلَيْهِم كتاب عُثْمَان: إنه قَدْ جد بكم، فعَلَيْكُمْ بالجد، وإياكم والهزال، فكان الناس عَلَيْهِ، وتعجبوا من وقوف عُثْمَان

<<  <  ج: ص:  >  >>