عَلَى رَقَبَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا رَآنِي عَلِيٌّ تَرَكَ النَّاسَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَانْتَجَانِي، فَقَالَ: مَا تَرَى فِيمَا وَقَعَ؟ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ أَمْرٌ عَظِيمٌ كَمَا تَرَى لا طَاقَةَ لأَحَدٍ بِهِ، فَقُلْتُ: أَرَى أَنَّهُ لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْكَ الْيَوْمَ، فَأَرَى أَنَّهُ لا يُبَايَعُ الْيَوْمَ أَحَدٌ إِلا اتُّهِمَ بِدَمِ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَبَى إِلا أَنْ يُبَايَعَ فَاتُّهِمَ بِدَمِهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي قَدِ اسْتَعْمَلْتُ خَالِدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ عَلَى مَكَّةَ، وَقَدْ بَلَغَ أَهْلُ مَكَّةَ مَا صَنَعَ النَّاسُ، فَأَنَا خَائِفٌ أَنْ يَمْنَعُوهُ الْمَوْقِفَ فَيَأْبَى، فَيُقَاتِلْهُمْ فِي حَرَمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَأَمْنِهِ وَإِنَّ قَوْمًا جَاءُوا مِنْ كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، فَرَأَيْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ أَمْرَ الْمَوْسِمِ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِكِتَابٍ يَسْأَلُهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ بِالْحَقِّ مِمَّنْ حَصَرَهُ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فمر بعائشة في الصلصل، فقالت: يا بن عَبَّاسٍ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ- فَإِنَّكَ قَدْ أُعْطِيتَ لِسَانًا إِزْعِيلا- أَنْ تُخَذِّلَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَنْ تُشَكِّكَ فِيهِ النَّاسَ، فَقَدْ بَانَتْ لَهُمْ بَصَائِرُهُمْ وَأَنْهَجَتْ، وَرَفَعَتْ لَهُمُ الْمَنَارَ، وَتَحَلَّبُوا مِنَ الْبِلْدَانِ لامر قد حم، وَقَدْ رَأَيْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ عَلَى بُيُوتِ الأَمْوَالِ وَالْخَزَائِنِ مَفَاتِيحَ، فَإِنْ يَلِ يَسِرْ بِسِيرَةِ ابْنِ عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قُلْتُ يَا أُمَّهْ لَوْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ حَدَثٌ مَا فَزِعَ النَّاسُ إِلا إِلَى صَاحِبِنَا.
فَقَالَتْ: إِيهًا عَنْكَ! إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ مُكَابَرَتَكَ وَلا مُجَادَلَتَكَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلٍ، أَنَّهُ انْتَسَخَ رِسَالَةَ عُثْمَانَ الَّتِي كَتَبَ بِهَا مِنْ عِكْرِمَةَ، فَإِذَا فِيهَا:
بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّه عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ وَعَلَّمَكُمُ الإِسْلامَ، وَهَدَاكُمْ مِنَ الضَّلالَةِ، وَأَنْقَذَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَأَرَاكُمُ الْبَيِّنَاتِ، وَأَوْسَعَ عَلَيْكُمْ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute