للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وذكر فضلهم وحاجته إِلَيْهِم ونظره لَهُمْ وقيامه دونهم، وأنه ليس لَهُ من سلطانهم إلا ذَلِكَ، والأجر من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، ونادى:

برئت الذمة من عبد لم يرجع إِلَى مواليه فتذامرت السبئيه والأعراب، وَقَالُوا:

لنا غدا مثلها، وَلا نستطيع نحتج فِيهِمْ بشيء.

وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا:

[خَرَجَ عَلِيٌّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَلَى النَّاسِ، فقال: يا ايها النَّاسُ، أَخْرِجُوا عَنْكُمُ الأَعْرَابَ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الاعراب، ألحقوا بمياهكم فابت السبئيه وَأَطَاعَهُمُ الأَعْرَابُ] وَدَخَلَ عَلِيٌّ بَيْتَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ طلحه والزبير وعده من اصحاب النبي ص، فَقَالَ: دُونَكُمْ ثَأْرَكُمْ فَاقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: عَشَوْا عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: هُمْ وَاللَّهِ بَعْدَ الْيَوْمِ أَعْشَى وَآبَى وَقَالَ:

لَوْ أَنَّ قَوْمِي طَاوَعَتْنِي سُرَاتُهُمْ ... أَمَرْتُهُمْ أَمْرًا يَدِيخُ الأَعَادِيَا

وَقَالَ طَلْحَةُ: دَعْنِي فلات البصره فلا يفجؤك إِلا وَأَنَا فِي خَيْلٍ، فَقَالَ:

حَتَّى أَنْظُرَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الزُّبَيْرُ: دَعْنِي آتِ الْكُوفَةَ فلا يفجؤك إِلا وَأَنَا فِي خَيْلٍ، فَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فِي ذَلِكَ، وَسَمِعَ الْمُغِيرَةُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ لَكَ حَقُّ الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَإِنَّ الرَّأْيَ الْيَوْمَ تُحْرِزُ بِهِ مَا فِي غَدٍ، وَإِنَّ الضَّيَاعَ الْيَوْمَ تُضَيِّعُ بِهِ مَا فِي غَدٍ، أَقْرِرِ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَمَلِهِ، وَأَقْرِرِ ابْنَ عَامِرٍ عَلَى عَمَلِهِ، وَأَقْرِرِ الْعُمَّالَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى إِذَا أَتَتْكَ طَاعَتُهُمْ وَبَيْعَةُ الْجُنُودِ اسْتَبْدَلْتَ أَوْ تَرَكْتَ قَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ.

فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: إِنِّي أَشَرْتُ عَلَيْكَ بِالأَمْسِ بِرَأْيٍ، وَإِنَّ الرَّأْيَ أَنْ تُعَاجِلَهُمْ بِالنُّزُوعِ، فَيَعْرِفُ السَّامِعُ مَنْ غَيْرَهُ وَيَسْتَقْبِلُ أَمْرَكَ، ثُمَّ خَرَجَ وَتَلَقَّاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ خَارِجًا وَهُوَ دَاخِلٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى عَلِيٍّ قَالَ:

رَأَيْتُ الْمُغِيرَةَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ فَفِيمَ جَاءَكَ؟ قَالَ: جَاءَنِي أَمْسِ بِذِيَّةَ وَذِيَّةَ، وَجَاءَنِي الْيَوْمَ بِذِيَّةَ وَذِيَّةَ، فَقَالَ: أَمَّا أَمْسِ فَقَدْ نَصَحَكَ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ غَشَّكَ قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: كَانَ الرَّأْيُ أَنْ تَخْرُجَ حِينَ قُتِلَ الرَّجُلُ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَتَأْتِيَ مَكَّةَ فَتَدْخُلَ دَارَكَ وَتُغْلِقَ عَلَيْكَ بَابَكَ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ جَائِلَةً مُضْطَرِبَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>